وقال مقاتل رحمهالله تعالى : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : لو أنّ الله تعالى أنزل بأسه باليهود لآمنوا» (١) ؛ فأنزل الله تعالى : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) وقرىء (٢) «تسأل» مبنيا للفاعل مرفوعا أيضا ، وفي هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنه حال ، فيكون معطوفا على الحال قبلها ، كأنه قيل : بشيرا أو نذيرا ، وغير مسؤول.
والثاني : أن تكون مستأنفة.
وقرأ (٣) نافع ويعقوب : «تسأل» على النّهي ، وهذا مستأنف فقط ، ولا يجوز أن تكون حالا ؛ لأن الطّلب لا يقع حالا.
وفي المعنى على هذه القراءة وجهان :
الأول : روي أنه قال : ليت شعري ما فعل أبواي؟ فنهي عن السؤال عن أحوال الكفرة.
قال ابن الخطيب (٤) رحمهالله : وهذه الرواية بعيدة ؛ لأنه ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ كان عالما بكفرهم ، وكان عالما بأن الكافر معذّب ، فمع هذا العلم لا يجوز أن يسأل.
والثاني : معنى هذا النهي تعظيم ما وقع فيه الكفّار من العذاب ، كما إذا سألت عن إنسان واقع في بليّة ، فيقال لك : لا تسأل عنه.
وقرأ (٥) ابن مسعود رضي الله عنه : «ولن تسأل».
وقرأ أبي (٦) : «وما تسأل» ؛ ومعناهما موافق لقراءة الجمهور ، نفي أن يكون مسؤولا عنهم.
والجحيم : شدّة توقّد النار ، ومنه قيل لعين الأسد : «جحمة» لشدة توقّدها ، يقال : جحمت النّار تجحم ؛ ويقال لشدّة الحر : «جاحم» ؛ قال : [مجزوء الكامل]
٧٦٨ ـ والحرب لا يبقى لجا |
|
حمها التّخيّل والمراح (٧) |
قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ
__________________
(١) ذكره القرطبي في تفسيره ٢ / ٦٤.
(٢) انظر المحرر الوجيز : ١ / ٢٠٤ ، والدر المصون : ١ / ٣٥٦.
(٣) انظر السبعة : ١٦٩ ، والكشف : ١ / ٢٦٢ ، وحجة القراءات : ١١١ ، والحجة : ٢ / ٢٠٩ ، والعنوان : ٧١ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٦٠ ، وشرح شعلة : ٢٧٤ ، وإتحاف : ١ / ٤١٤.
(٤) ينظر الفخر الرازي : ٤ / ٢٨.
(٥) تقدمت هذه القراءة.
(٦) تقدمت هذه القراءة.
(٧) البيت لسعد بن مالك. ينظر شواهد الكتاب : ٢ / ٣٢٤ ، الخزانة : ١ / ٢٥٥ ، الحماسة : ١ / ١٩٢ ، مجمع البيان : ١ / ٤٤٤ ، الدر المصون : ١ / ٣٥٧ ، البحر : ١ / ٥٢٦.