المسيب ، يقول : إبراهيم ـ عليهالسلام ـ أول من اختتن (١) ، وأول من أضاف الضيف ، وأول من استحدّ ، وأول من قلّم الأظفار ، وأول من قصّ الشارب ، وأول من شاب ، فلما رأى الشيب قال : ما هذا؟ قال : وقار ، قال : يا رب زدني وقارا (٢).
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه قال : أول من خطب على المنابر إبراهيم خليل الله.
قال غيره : وأول من ثرد الثّريد ، وأول من ضرب بالسيف ، وأول من استاك ، وأول من استنجى بالماء ، وأول من لبس السراويل (٣).
قوله : (قالَ إِنِّي) هذه الجملة القولية يجوز أن تكون معطوفة على ما قبلها ، إذا قلنا بأنها عاملة في «إذ» ؛ [لأن التقدير : وقال إنّي جاعلك إذ ابتلى ، ويجوز أن تكون استئنافا إذا قلنا : إن العامل في «إذ» مضمر](٤) ، كأنه قيل : فماذا قال له ربه حين أتم الكلمات؟ فقيل : قال : إنّي جاعلك.
ويجوز فيها أيضا على هذا القول أن تكون بيانا لقوله : «ابتلى» وتفسيرا له ، فيراد بالكلمات ما ذكره من الإمامة ، وتطهير البيت ، ورفع القواعد ، وما بعدها ، نقل ذلك الزمخشري.
قوله : (جاعِلُكَ) هو اسم فاعل من «جعل» بمعنى «صيّر» فيتعدّى لاثنين :
أحدهما : «الكاف» ، وفيها الخلاف المشهور هل هي في محلّ نصب أو جر؟
وذلك أن الضمير المتصل باسم الفاعل فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه في محل جر بالإضافة.
والثاني : أنه في محل نصب ، وإنما حذف التنوين لشدة اتّصال الضمير ، قالوا : ويدلّ على ذلك وجوده في الضرورة ؛ كقولهم : [الوافر]
٧٧٤ ـ فما أدري وظنّي كلّ ظنّ |
|
أمسلمني إلى قومي شراحي (٥) |
وقال آخر : [الطويل]
٧٧٥ ـ هم الفاعلون الخير والآمرونه |
|
.......... (٦) |
__________________
(١) ذكره السيوطي في الوسائل ص ٩ ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة ، والبيهقي في الشعب عن سعيد بن المسيب.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢١٩) وعزاه لابن سعد عن الكلبي.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لابن أبي شيبة عن السدّي.
(٤) سقط في أ.
(٥) البيت ليزيد بن محمد الحارثي. ينظر الهمع : ١ / ٦٥ ، المحتسب : ٢ / ٢٢٠ ، الدرر : ١ / ٤٣ ، العيني : ١ / ٣٨٥ ، الدر المصون : ١ / ٣٦٠.
(٦) صدر بيت وعجزه :
.......... |
|
إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما ـ |