[وقال عطاء : إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره بين الموت والحياة ، فلما خير يعقوب قال : أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ؛ ففعل ذلك به ، فجمع ولده وولد ولده ، وقال لهم : قد حضر أجلي فما تعبدون من بعدي؟ قالوا : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ، والعرب تسمي العم أبا كما تسمي الخالة أما ، وسيأتي الكلام على ذلك قريبا إن شاء الله تعالى](١).
وقال القفّال : وقيل : إنما قدّم ذكر إسماعيل على إسحاق ؛ لأن إسماعيل [كان أسنّ من إسحاق](٢).
قوله : (وَإِلهَ آبائِكَ) أعاد ذكر الإله ، لئلا يعطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار ، والجمهور على «آبائك».
وقرأ الحسن (٣) ويحيى وأبو رجاء : «أبيك».
وقرأ أبّي : «وإله إبراهيم» فأسقط «آبائك».
فأما قراءة الجمهور فواضحة.
وفي «إبراهيم» وما بعده حينئذ ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه بدل.
والثاني : أنه عطف بيان ، ومعنى البدلية فيه التفصيل.
الثالث : أنه منصوب بإضمار «أعني» فالفتحة على هذا علامة للنصب ، وعلى القولين قبله علامة للجر لعدم الصّرف ، وفيه دليل على تسمية الجدّ والعم أبا ، فإن إبراهيم جده وإسماعيل عمه ، كما يطلق على الخالة أمّ ، ومنه : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) [يوسف : ١٠٠] في أحد القولين.
قال بعضهم : وهذا من باب التّغليب ، يعني : أنه غلب الأب على غيره ، وفيه نظر ، فإنه قد جاء هذا الإطلاق حيث لا تثنية ولا جمع ، فيغلب فيهما.
وأما قراءة «أبيك» فتحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مفردا غير جمع ، وحينئذ فإما أن يكون واقعا موقع الجمع أو لا ، فإن كان واقعا موقع الجمع ، فالكلام في «إبراهيم» وما بعده كالكلام فيه على القراءة المشهورة. وإن لم يكن واقعا موقعه ، بل أريد به الإفراد لفظا ومعنى ، فيكون «إبراهيم» وحده على الأوجه الثلاثة المتقدمة ، ويكون إسماعيل وما بعده عطفا على «أبيك» ، أي : وإله إسماعيل.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : أسن منه.
(٣) انظر الشواذ : ١٧ ، المحرر الوجيز : ١ / ٢١٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٦٣ ، والدر المصون : ١ / ٣٧٩.