قوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) في هذه الجملة ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّها معطوفة على قوله : (نَعْبُدُ) يعني : أنها تتمّة جوابهم له ، فأجابوه بزيادة.
والثاني : أنّها حال من فاعل «نعبد» ، والعامل «نعبد».
والثالث ، وإليه نحا الزّمخشري : ألّا يكون لها محل ، بل هي جملة اعتراضيّة مؤكدة ، أي : ومن حالنا أنّا له مخلصون.
قال أبو حيّان : ونصّ النحويون على أنّ جملة الاعتراض هي التي تفيد تقوية في الحكم ، إمّا بين جزئي صلة وموصول ؛ كقوله : [البسيط]
٨٠٦ ـ ماذا ـ ولا عتب في المقدور ـ رمت أما |
|
يكفيك بالنّجح أم خسر وتضليل (١) |
وقوله (٢) : [الكامل]
٨٠٧ ـ ذاك الّذي ـ وأبيك ـ يعرف مالكا |
|
والحقّ يدفع ترّهات الباطل (٣) |
أو من مسند ومسند إليه كقوله : [الطويل]
٨٠٨ ـ وقد أدركتني ـ والحوادث جمّة ـ |
|
أسنّة قوم ضعاف ولا عزل (٤) |
أو بين شرط وجزاء ، أو قسم وجوابه ، مما بينهما تلازم.
وهذه الجملة قبلها كلام مستقل عمّا بعدها ، لا يقال : إنّ بين المشار إليه وبين الإخبار عنه تلازما ؛ لأنّ ما قبلها من مقول بني يعقوب ، وما بعدها من كلام الله تعالى ، أخبر بها عنهم ، والجملة الاعتراضية إنما تكون من الناطق بالمتلازمين لتوكيد كلامه. انتهى ملخصا.
وقال ابن عطية (٥) : «ونحن له مسلمون» ابتداء وخبر ، أي : كذلك كنا ، ونحن نكون.
قال أبو حيان (٦) : يظهر منه أنّه جعل هذه الجملة عطفا على جملة محذوفة ، ولا حاجة إليه.
__________________
(١) ينظر الدرر : ١ / ٢٨٧ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨٨ ، والدر : ١ / ٣٨١.
(٢) في أ : وفي قول القائل.
(٣) البيت لجرير ينظر ديوانه : ص ٥٨٠ ، والدرر : ١ / ٢٨٧ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٨١٧ ، والخصائص : ١ / ٣٣٦ ، ولسان العرب (تره) ، ومغني اللبيب : ٢ / ٣٩١ ، والمقرب : ١ / ٦٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨٨ ، ٢٤٧ ، والدرر : ١ / ٣٨١.
(٤) البيت لجويرية بن زيد. ينظر في الدرر : ٤ / ٢٥ ، ولرجل من بني عبد الدار ينظر في شرح شواهد المغني : ٢ / ٨٠٧ ، والخصائص : ١ / ٣٣١ ، وسر صناعة الإعراب : ١ / ١٤٠ ، ولسان العرب (هيم) ، ومغني اللبيب : ٤ / ٣٨٧ ، وهمع الهوامع : ١ / ٢٤٨ ، والدر : ١ / ٣٨١.
(٥) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٢١٤.
(٦) ينظر البحر المحيط : ١ / ٥٧٥.