قوله : (وَما أُوتِيَ مُوسى) يجوز في «ما» وجهان :
أحدهما : أن تكون في محل جر عطفا على المؤمن به ، وهو الظاهر.
والثاني : أنها في محل رفع بالابتداء ، ويكون (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ) عطفا عليها. وفي الخبر وجهان :
أحدهما : أن يكون (مِنْ رَبِّهِمْ).
والثاني : أن يكون (لا نُفَرِّقُ) هكذا ذكر أبو حيان ، إلا أن في جعله (لا نُفَرِّقُ) خبرا عن «ما» نظر لا يخفى من حيث عدم عود الضمير عليها.
ويجوز أن تكون «ما» الأولى عطفا على المجرور ، و «ما» الثانية مبتدأة ، وفي خبرها الوجهان ، وللشيخ أن يجيب عن عدم عود الضمير بأنه محذوف تقديره : لا نفرق فيه ، وحذف العائد المجرور ب «في» مطّرد كما ذكر بعضهم ، وأنشد : [المتقارب]
٨١٢ ـ فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر (١) |
أي : نساء فيه ونسرّ فيه.
قوله : (مِنْ رَبِّهِمْ) فيه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ وهو الظاهر ـ أنه في محل نصب ، و «من» لابتداء الغاية ، ويتعلّق ب «أوتي» الثانية إن أعدنا الضمير على النبيين فقط دون موسى وعيسى ، أو ب «أوتي» الأولى ، وتكون الثانية تكرارا لسقوطها في «آل عمران» إن أعدنا الضمير على موسى وعيسى عليهماالسلام والنبيين.
الثاني : أن يكون في محلّ نصب على الحال من العائد على الموصول فيتعلّق بمحذوف تقديره : وما أوتيه كائنا من ربهم.
الثالث : أنه في محل رفع لوقوعه خبرا إذا جعلنا «ما» مبتدأ.
قوله : (بَيْنَ أَحَدٍ) متعلق ب «لا نفرق» ، وفي «أحد» قولان :
أظهرهما : أنه الملازم للنفي الذي همزته أصلية ، فهو للعموم وتحته أفراد ، فلذلك صحّ دخول «بين» عليه من غير تقدير معطوف نحو : «المال بين الناس».
والثاني : أنه الذي همزته بدل من «واو» بمعنى واحد ، وعلى هذا فلا بد من تقدير معطوف ليصح دخول «بين» على متعدد ، ولكنه حذف لفهم المعنى ، والتقدير : بين أحد منهم ؛ ونظيره ومثله قول النابغة : [الطويل]
__________________
(١) البيت للنمر بن تولب. ينظر ديوانه : ص ٣٤٧ ، تخليص الشواهد : ص ١٩٣ ، حماسة البحتري : ١ / ٥٦٥ ، وأمالي ابن الحاجب : ٢ / ٧٤٩ ، همع الهوامع : ١ / ١٠١ ، ٢ / ٢٨ ، والدرر : ١ / ٧٦ ، والدر المصون : ١ / ٣٨٥.