وقال أيضا : و «بكم» في موضع نصب مفعول ثان ل «فرقنا» ، و «البحر» مفعول أول ، والباء هنا في معنى اللام.
وفيه نظر ؛ لأنه على تقدير تسليم كون الباء بمعنى اللام ، فتكون لام العلّة ، والمجرور بلام العلة لا يقال : إنه مفعول ثان ، لو قلت : ضربت زيدا لأجلك ، لا يقول النحوي : «ضرب» يتعدّى لاثنين إلى أحدهما بنفسه ، وللآخر بحرف الجر.
و «البحر» أصله : الشّق الواسع ، ومنه «البحيرة» لشقّ أذنها ، وفيه الخلاف المتقدّم في «النهر» في كونه حقيقة في الماء ، أو في الأخدود؟
ويقال : فرس بحر أي : واسع الجري ، ويقال : أبحر الماء : ملح ؛ قال نصيب : [الطويل]
٤٨٢ ـ وقد عاد ماء الأرض بحرا فزادني |
|
إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب (١) |
والبحر يكنى إياه ، وقد يطلق على العذب بحرا ، وهو مختص بالماء الملح ، وفيه خلاف. و «البحر» : البلدة ، يقال : هذه بحرتنا ، أي : بلدتنا.
و «البحر» : السّلال يصيب الإنسان. ويقولون : لقيته صحرة بحرة ، أي : بارزا مكشوفا.
قوله : (فَأَنْجَيْناكُمْ) أي : أخرجناكم منه ، يقال : نجوت من كذا نجاء ، ممدودا ، ونجاة ، مقصورا ، والصدق منجاة ، وأنجيت غيري ونجّيته ، وقرىء بهما : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ) [البقرة : ٤٩] «فأنجيناكم».
قوله : (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ).
«الغرق» : الرسوب في الماء ، يقال : غرق في الماء غرقا ، فهو غرق وغارق أيضا ، وأغرق غيره وغرّقه ، فهو مغرّق وغريق ؛ قال أبو النّجم : [الرجز]
٤٨٣ ـ من بين مقتول وطاف غارق (٢)
ويطلق على القتل بأي نوع كان ؛ قال الأعشى : [الطويل]
٤٨٤ ـ .......... |
|
ألا ليت قيسا غرّقته القوابل (٣) |
وذلك أن القابلة كانت تغرق المولود في دم السّلى عام القحط ، ذكرا كان أو أنثى
__________________
(١) ينظر ديوانه : ص ٦٦ ، ولسان العرب (خرف) (بحر) ، الأشباه والنظائر : ٥ / ١١٠ ، القرطبي : ١ / ٣٨٨ ، والدر المصون : ١ / ٢٢١.
(٢) ينظر القرطبي : ١ / ٣٨٨ ، الدر المصون : ١ / ٢٢١.
(٣) عجز بيت وصدره :
أطورين في عام غزاة ورحلة
ينظر ديوانه : (١٨٣) ، القرطبي : ١ / ٣٨٨ ، الدر المصون : ١ / ٢٢١.