تعالى» ، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ) [التوبة : ٧٥] إلى أن قال : (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) [التوبة : ٧٧].
وقال مكّي : المواعدة أصلا من اثنين ، وقد تأتي بمعنى «فعل» نحو : «طارقت النّعل» فجعل القراءتين بمعنى واحد.
وقال الكسائي : ليس قول الله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) [النور : ٥٥] من هذا الباب في شيء ؛ لأن (واعَدْنا مُوسى) إنما هو من باب الموافاة ، وليس من الوعد في شيء ، وإنما هو من قولك : «موعدك يوم كذا» ، و «موضع كذا».
والفصيح في هذا أن يقال : «واعدته» ، قال تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه قال : (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه : ٥٩].
وقال الزجاج (١) : «واعدنا» بالألف جيّد ؛ لأن الطّاعة في القبول بمنزلة المواعد ، فمن الله وعد ، ومن موسى قبول واتباع ، فجرى مجرى المواعدة.
وقال مكّي أيضا : «والاختيار «واعدنا» بالألف ؛ لأنه بمعنى «وعدنا» في أحد معنييه ؛ ولأنه لا بدّ لموسى من وعد أو قبول يقوم مقام الوعد فتصحّ المفاعلة».
قال ابن الخطيب (٢) : الأقوى أن الله ـ تعالى ـ وعده الوحي ، وهو وعد الله المجيء للميقات.
قال الجوهري : «الميعاد : المواعدة والوقت والموضع».
ووعد يتعدّى لاثنين ، ف «موسى» مفعول أول ، و «أربعين» مفعول ثان ، ولا بد من حذف مضاف ، أي : تمام أربعين ، ولا يجوز أن ينتصب على الظّرف ، لفساد المعنى ، وعلامة نصبه الياء ؛ لأنه جار مجرى جمع المذكر السّالم ، وهو في الأصل مفرد اسم جمع ، سمي به هذا العقد من العدد ، ولذلك أعربه بعضهم بالحركات ؛ ومنه في أحد القولين : [الوافر]
٤٨٦ ـ وماذا يبتغي الشّعراء منّي |
|
وقد جاوزت حدّ الأربعين (٣) |
بكسر النون.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن ١ / ١٠٤.
(٢) ينظر الفخر الرازي ٣ / ٦٩.
(٣) البيت لسحيم بن وثيل ينظر إصلاح المنطق : ص ١٥٦ ، وتخليص الشواهد : ص ٧٤ ، وتذكرة النحاة : ص ٤٨٠ ، وخزانة الأدب : ٨ / ٦١ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٧ ، ٦٨ ، وحماسة البحتري : ص ١٣ ، والدرر : ١ / ١٤٠ ، وسر صناعة الإعراب : ٢ / ٦٢٧ ، وشرح التصريح : ١ / ٧٧ ، وشرح ابن عقيل : ص ٢٤١ ، وشرح المفصل : ٥ / ١١ ، ولسان العرب (نجذ) (ربع) ، والمقاصد النحوية : ١ / ١٩١ ، والأشباه والنظائر : ٧ / ٢٤٨ ، وأوضح المسالك : ١ / ٦١ ، وجواهر الأدب : ص ١٥٥ ، وشرح الأشموني : ١ / ٣٨ ، ٣٩ ، والمقتضب : ٣ / ٣٣٢ ، وهمع الهوامع : ١ / ٤٩ ، والأصمعيات : (١٩) ، والدر المصون : ١ / ٢٢٢.