وقال آخر : [السريع]
٤٩٩ ـ رحت وفي رجليك ما فيهما |
|
وقد بدا هنك من المئزر (١) |
يريد : «هنك ـ وتعرفكم» فهذه حركات إعراب ، وقد سكّنت ، وقد أنشد ابن عطية وغيره ردّا عليه قوله : [الرجز]
٥٠٠ ـ قالت سليمى : اشتر لنا سويقا (٢)
وقول آخر : [الرجز]
٥٠١ ـ إذا اعوججن قلت : صاحب قوّم (٣)
وقول الآخر : [الرمل]
٥٠٢ ـ إنّما شعري شهد |
|
قد خلط بجلجلان (٤) |
ولا يحسن ذلك ؛ لأنها حركات بناء ، وإنما منع هو ذلك في حركات الإعراب ، وقراءة أبي عمرو صحيحة ، وذلك أن الهمزة حرف ثقيل ، ولذلك اجتزىء عليها بجميع أنواع التخفيف ، فاستثقلت عليها الحركة فقدّرت ، وهذه القراءة (٥) تشبه قراءة حمزة ـ رحمهالله ـ في قوله تعالى : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا) فإنه سكن همزة «السّيّىء» وصلا ، والكلام عليهما واحد ، والذي حسنه ـ هنا ـ أنّ قبل كسرة الهمزة راء مكسورة ، والراء حرف تكرير ، فكأنه توالى ثلاث كسرات فحسن التّسكين ، وليت المبرّد اقتدى بسيبويه في الاعتذار عن أبي عمرو. وجميع رواية أبي عمرو دائرة على التّخفيف ، ولذلك يدغم المثلين ، والمتقاربين ، ويسهّل الهمزة ، ويسكن نحو : (يَنْصُرْكُمُ) [آل عمران : ١٦] و (يَأْمُرُكُمْ) [البقرة : ٦٧] و (بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) [الأنعام : ٥٣] على تفصيل معروف عند القرّاء ، وروي عنه إبدال هذه الهمزة السّاكنة ياء ، كأنه لم يعتدّ بالحركة المقدرة ، وبعضهم ينكر ذلك عنه ، فهذه أربع قراءات لأبي عمرو (٦).
__________________
(١) البيت للأقيشر الأسدي في ديوانه : ص ٤٣ ، وينظر خزانة الأدب : ٤ / ٤٨٤ ، ٤٨٥ ، ٨ / ٣٥١ ، الدرر : ١ / ١٧٤ ، شرح أبيات سيبويه : ٢ / ٣٩١ ، المقاصد النحوية : ٤ / ٥١٦ ، وللفرزدق في الشعر والشعراء : ١ / ١٠٦ ، الأشباه والنظائر : ١ / ٦٥ ، ٢ / ٣١ ، تخليص الشواهد : ص ٦٣ ، الخصائص : ١ / ٧٤ ، ٣ / ٩٥ ، ٣١٧ ، الدر المصون : ١ / ٢٢٧.
(٢) البيت للعذافر الكندي. ينظر الخصائص : ٢ / ٣٤٠ ، المنصف : ٢ / ٢٣٧ ، شرح شواهد الشافية : ٢٢٤ والدر المصون : ١ / ٢٢٧.
(٣) البيت لأبي نخيلة. ينظر الكتاب : ٢ / ٢٩٧ ، الخصائص : ١ / ٧٥ ، الفراء : ٢ / ١٢ ، اللسان «عوم» والدر المصون : ١ / ٢٢٧.
(٤) تقدم برقم (١٣٤).
(٥) ستأتي في سورة «فاطر» آية (٤٣).
(٦) سبق تخريج هذه القراءة.