قوله تعالى : (بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) الباء للسببية ، متعلّقة ب «ظلمتم» ، وقد تقدم الخلاف في مثل هذه المادة.
و «العجل» مفعول أوّل ، والثّاني محذوف أي : إلها كما تقدم ، والمصدر ـ هنا ـ مضاف للفاعل ، وهو أحسن الوجهين ، فإن المصدر إذا اجتمع فاعله ومفعوله فالأولى إضافته إلى الفاعل ؛ لأنه رتبته التقديم ، وهذا من الصور التي يجب فيها تقديم الفاعل.
وأما (قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) [الأنعام : ١٣٧] فسيأتي إن شاء الله تعالى. وتقدّم الكلام في «العجل».
قوله : (إِلى بارِئِكُمْ) متعلّق ب «توبوا» ، والمشهور كسر الهمزة ؛ لأنها حركة إعراب. وروي عن أبي عمرو ثلاثة أوجه أخر :
الاختلاس : وهو الإتيان بحركة خفية ، والسكون المحض ، وهذه قد طعن فيها جماعة من النحاة ، ونسبوا راويها إلى الغلط على أبي عمرو.
وقال سيبويه : «إنما اختلس أبو عمرو فظنّه الراوي سكّن ولم يضبط».
وقال المبرّد : «لا يجوز التسكين مع توالي الحركات في حرف الإعراب في كلام ولا شعر ، وقراءة أبي عمرو (١) لحن».
وهذه جرأة من المبرد ، وجهل بأشعار العرب ، فإن السّكون في حركات الإعراب قد ورد في الشعر كثيرا ؛ منه قول امرىء القيس : [السريع]
٤٩٧ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل (٢) |
فسكّن «أشرب» ، وقال جرير : [البسيط]
٤٩٨ ـ .......... |
|
ونهر تيرى فلا تعرفكم العرب (٣) |
__________________
(١) يعني : قراءة الاختلاس ، ووافقه فيها ابن محيصن.
وانظر فيها العنوان في القراءات السبع : ٦٩ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٢٥ ، وحجة القراءات : ٩٧ ، والحجة للقراء السبعة : ٢ / ٧٧ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٩١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، وشرح شعلة : ٢٦٢.
(٢) ينظر ديوانه : ١٢٢ ، وإصلاح المنطق : ٢٤٥ ، والأصمعيات : ١٣٠ ، جمهرة اللغة : ٩٦٢ ، وحماسة البحتري : ٣٦ ، خزانة الأدب : ٤ / ١٠٦ و ٨ / ٣٥٠ و ٣٥٤ و ٣٥٥ ، والدرر : / ١٧٥ ، ورصف المباني : ٣٢٧ ، شرح التصريح : ١ / ٨٨ ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ٦١٢ و ١١٧٦ ، شرح شذور الذهب : ٢٧٦ ، شرح شواهد الإيضاح : ٢٥٦ ، شرح المفصل : ١ / ٤٨ ، الشعر والشعراء : ١ / ١٢٢ ، والكتاب : ٤ / ٢٠٤ ، ولسان العرب [حقب] ، [دلك] ، المحتسب : ١ / ١٥ و ١١٠ ، الأشباه والنظائر : ١ / ٦٦ ، والاشتقاق : ٣٣٧ ، والخصائص : ١ / ٧٤ و ٢ / ٣١٧ ، والمقرب : ٢ / ٢٠٥ ، همع الهوامع : ١ / ٥٤ ، الدر المصون : ١ / ٢٢٧.
(٣) عجز بيت وصدره :
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم
ينظر ديوانه : (٤٨) ، الخصائص : ١ / ٧٤ ، السمط : ٥٢٧ ، اللسان «عبد» والدر المصون : ١ / ٢٢٧.