إمّا أن يكون التقدير : لن نؤمن لأجل قولك.
وإما أن يضمن معنى الإقرار ، أي : لن نقر لك بما ادعيته.
وقرأ (١) أبو عمرو بإدغام النون في اللام ، لتقاربهما.
وفرق بعضهم بين قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) وجعل الإيمان به بما جاء به ، والإيمان له هو الاستسلام والانقياد.
قوله : (جَهْرَةً) فيها قولان :
أحدهما : أنها مصدر ، وفيها حينئذ قولان :
أحدهما : أن ناصبها محذوف ، وهو من لفظها تقديره : جهرتم جهرة ، نقله «أبو البقاء».
والثاني : أنها مصدر من نوع الفعل ، فتنتصب انتصاب «القرفصاء» من قولك ، «قعد القرفصاء» فإنها نوع من الرؤية ، وبه بدأ «الزمخشري».
والثّاني : أنها مصدر واقع موقع الحال ، وفيها حينئذ أربعة أقوال :
أحدها : أنه حال من فاعل «نرى» ، أي : ذوي جهرة ، قاله «الزمخشري».
والثاني : أنها حال من فاعل «قلتم» ، أي : قلتم ذلك مجاهرين ، قاله «أبو البقاء». وقال بعضهم : فيكون في الكلام تقديم وتأخير أي : قلتم جهرة : لن نؤمن لك ، ومثل هذا لا يقال فيه تقديم وتأخير ، بل أتي بمقول القول ، ثم بالحال من فاعله ، فهو نظير : «ضربت هندا قائما».
والثالث : أنها حال من اسم الله ـ تعالى ـ أي : نراه ظاهرا غير مستور.
والرابع : أنها حال من فاعل «نؤمن» ، نقله «ابن عطية» ، ولا معنى له. والصحيح من هذه الأقوال هو الثاني.
وقرأ «ابن عبّاس» : جهرة بفتح الهاء ، وفيها قولان :
أحدهما : أنها لغة في «جهرة».
قال «ابن عطية» : «وهي لغة «مسموعة» عند البصريين فيما فيه حرف الحلق ساكن قد انفتح ما قبله ، والكوفيون يجيزون فيه الفتح ، وإن لم يسمعوه» وقد تقدم تحريره.
والثاني : أنها جمع «جاهر» نحو : «خادم وخدم» ، والمعنى : حتى نرى الله كاشفين هذا الأمر ، وهي تؤيد كون «جهرة» حالا من فاعل «نرى».
__________________
(١) ووافقه يعقوب.
انظر السبعة : ١١٨ ، وإتحاف : ١ / ٣٩٣ ، والدر المصون : ١ / ٢٢٩.