عربية ، ولم يكونوا يتكلمون بالعربية ، وأيضا فإنما أمروا بأن يقولوا قولا دالّا على التوبة والندم ؛ فلو قالوا : اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك لكان المقصود حاصلا.
قوله : «نغفر» هو مجزوم في جواب الأمر ، وقد تقدم الخلاف ، هل الجازم نفس الجملة ، أو شرط مقدر؟ أي : يقولوا نغفر.
وقرىء (١) : «نغفر» بالنون وهو جار على ما قبله [من قوله :](٢)(وَإِذْ قُلْنَا) ، و «تغفر» بالتاء بالياء مبنيّا للمفعول.
و «خطاياكم» مفعول لم يسم فاعله ، فالتّاء لتأنيث الخطايا ، والياء ؛ لأن تأنيثها غير حقيقي ، وللفصل أيضا ب «لكم».
وقرىء (٣) : «يغفر» مبنيا للفاعل ، وهو الله ـ تعالى ـ وهو في معنى القراءة الأولى ، إلّا أن فيه التفاتا.
و «لكم» متعلّق ب «نغفر».
وأدغم «أبو عمرو» الراء (٤) في اللّام ، والنحاة يستضعفونها ، قالوا : لأن الرّاء حرف تكرير فهي أقوى من اللام ، والقاعدة أن الأضعف يدغم في الأقوى من غير عكس ، وليس فيها ضعف ؛ لأن انحراف اللّام يقاوم تكرير الراء. وقد بيّن «أبو البقاء» ضعفه ، وتقدم جوابه.
قوله : «خطاياكم» : إما منصوب بالفعل قبله ، أو مرفوع حسب ما تقدّم من القراءات ، وفيها [أربعة] أقوال :
أحدها : قول الخليل [أنّ](٥) أصلها «خطايىء» بياء بعد الألف ، ثم همزة ؛ لأنها جمع «خطيئة» مثل : «صحيفة وصحايف» ، فلو تركت على حالها لوجب قلب الياء همزة ؛ لأن مدة «فعايل» يفعل بها كذا ، على ما تقرر في التصريف ، فضر من ذلك ، لئلا تجتمع همزتان ، بأن
__________________
(١) قراءة الجمهور بالنون كما هو مذكور ، وقرأ ابن عامر بالتأنيث ، وقرأ نافع وأبو جعفر بالتذكير.
انظر السبعة : ١٥٦ ، والحجة للقراء السبعة : ١ / ٨٥ ، وحجة القراءات : ٩٧ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٣١ ، وشرح شعلة : ٢٦٣ ، وإتحاف : ١ / ٣٩٤ ، والعنوان : ص ٦٩ ، والكشف : ١ / ٢٤٣.
(٢) سقط في أ.
(٣) انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٥٠ ، ونسبها ابن عطية إلى عاصم ، الدر المصون : ١ / ٢٣٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٨٥.
(٤) انظر السبعة : ١٢١ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٣٩٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٣٨٦ ، والدر المصون : ١ / ٢٣٣.
والإدغام هو : «اللفظ بساكن فمتحرك ، بلا فصل ، من مخرج واحد» فقولهم : اللفظ بساكن فمتحرك جنس يشمل المظهر ، والمدغم ، والمخفي ، و «بلا فصل» أخرج المظهر ، و «من مخرج» أخرج المخفي.
(٥) سقط في ب.