ذهابا بالضمير مذهب اسم الإشارة (١). كقوله (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة : ٦٨] وقيل : لاشتراكهما في صفة واحدة وهي الصّعود.
والثاني : أنه مبتدأ و «يرفعه» الخبر (٢) ولكن اختلفوا في فاعل «يرفع» على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ضمير الله تعالى أي والعمل الصالح يرفعه الله إليه (٣).
والثاني : أنه ضمير العمل الصالح (٤). وضمير النصب على هذا فيه وجهان :
أحدهما : أنه يعود على صاحب العمل أي يرفع صاحبه.
والثاني : أنه ضمير الكلم الطيب أي العمل الصالح يرفع الكلم الطيب. ونقل هذا عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين (٥) إلّا أنّ ابن عطية منع (٦) هذا عن ابن عباس وقال : لا يصح ؛ لأن مذهب أهل السنة أن الكلم الطيب مقبول وإن كان صاحبه عاصيا.
والثالث : أن ضمير الرفع للكلم والنصب للعمل أي يرفع العمل (٧) ، وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى بالنّصب العمل الصّالح على الاشتغال والضمير المرفوع للكلم أو لله (٨) والمنصوب للعمل.
فصل
قال الحسن وقتادة : الكلم الطّيّب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه ردّ كلامه على عمله وليس الإيمان بالتمني ولا بالتّخلّي لكن ما وقر في القلوب وصدقه الأعمال فمن قال حسنا وعمل غير صالح ردّ الله عليه قوله ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل لقوله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ٣٠٤ والدر المصون ٤ / ٤٦٨.
(٢) السابقان.
(٣) البيان ٢ / ٢٨٧ والكشاف ٣ / ٣٠٢.
(٤) البيان ٢ / ٢٨٧ والتبيان ١٠٧٣.
(٥) نقل هذين أبو حيان في بحره ٧ / ٣٠٤ بينما ارتأى ابن الأنباري أن الهاء تعود على «العمل» نفسه فقال : «والعمل الصّالح يرفعه الكلم» فالهاء تعود على العمل. ورأي الفراء كرأي ابن الأنباري يعود على العمل نفسه فكل من الفراء وابن الأنباري في النصب قد وافقا أبا حيان في وجه وخالفاه في آخر ، انظر : معاني القرآن ٢ / ٣٦.
(٦) البحر المحيط ٧ / ٣٠٣.
(٧) أوضحت منذ قليل أن هذا رأي ابن الأنباري والفراء وقال به الزّجّاج أيضا في معاني القرآن ٤ / ٢٦٥ قال «ويجوز أن يكون «والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب» أي لا يقبل العمل الصالح إلا من موحّد».
وانظر أيضا البحر فيما نقله عن شهر بن حوشب.
(٨) نقله الزمخشري في الكشاف وأبو حيان في البحر ٧ / ٣٠٤ وانظر كذلك مختصر ابن خالويه ١٢٣ ومعاني الفراء ٢ / ٣٦٧.