بفتحها (١). وليست إلا غلطا (على عاصم) (٢) ، إذ لا وجه (لها) (٣) ، وقد وقع لابن عطية وهم فاحش في ذلك فقال : وقرأ الجمهور بفتح النون (٤). وقال أبو حاتم : هذا خطأ فلا يجوز لأنه أمر فإما حذف النون وإما كسرها على جهة الياء (٥) ، يعني ياء المتكلم ، وقد يكون قوله : «الجمهور» سبق قلم منه أو من النساخ وكان الأصل : وقرأ غير الجمهور فسقط (٦) لفظة «غيره». (و) (٧) قال ابن عطية حذف من الكلام ما تواترت الأخبار والروايات به وهو أنهم قتلوه فقيل له عند موته : ادخل الجنّة (٨) بعد القتل وقيل : قوله : (قيل) (٩) ادخل الجنة عطف على قوله : (آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ) فعلى الأول يكون قوله : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) بعد موته والله أخبر بقوله ، وعلى الثاني قال ذلك في حياته (١٠) وكان يسمع (١١) الرسل يقولون إنه من الداخلين الجنة وصدقهم وقطع به. قوله : ((قالَ (١٢) يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) كما علمت فيؤمنون كما آمنت. وقال الحسن (١٣) : خرقوا خرقا في حلقه وعلقوه في سور المدينة وقبره بأنطاكية فأدخله الله الجنة وهو حي فيها يرزق ، فذلك قوله عزوجل : (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ). فلما أفضى إلى الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي أي بغفران ربي لي وجعلني من المكرمين. قوله : (بِما غَفَرَ لِي) يجوز في (ما) هذه ثلاثة أوجه : المصدرية كما تقدم. والثاني : أنها بمعنى الذي والعائد محذوف أي بالذي غفره لي ربي (١٤). واستضعف هذا من حيث إنه يبقى معناه أنه تمنى أن يعلم قومه بذنوبه المغفورة. وليس المعنى على ذلك إنما المعنى على تمنّي علمهم بغفران ربّه ذنوبه (١٥). والثالث : (١٦) أنها استفهامية وإليه ذهب الفرّاء (١٧). ورده الكسائي بأنه كان
__________________
(١) ذكرها أبو حيان في بحره ٧ / ٣٢٩ ومن بعد شهاب الدين السمين في الدر ٤ / ٥٠٤ وهي من القراءات غير المتواترة فلم أجدها فيها.
(٢) سقط من نسخة «ب» ما بين القوسين.
(٣) زيادة لتوضيح المعنى وتكميله.
(٤) نقله عنه البحر ٧ / ٣٢٩.
(٥) المرجع السابق. وفيه : على جهة البناء وهو صحيح الأصل فاسمعونني فحذفت الأولى المفتوحة لأجل البناء ولذلك نقول مبني على حذف النون والأوضح الأول بدليل قوله بعد «ياء المتكلم» فأبدلها من الياء.
(٦) في «ب» بسقط.
(٧) سقط من «ب».
(٨) البحر ٧ / ٣٢٩.
(٩) سقط من «ب».
(١٠) في «ب» حيوته.
(١١) في «ب» مسمع وهذا رأي الرازي ٢٦ / ٦٠.
(١٢) سقط من «ب».
(١٣) البحر ٧ / ٣٢٩.
(١٤) قال ابن الأنباري بالثلاثة في البيان ٢ / ٢٩٣ وكذلك النحاس ٤ / ٣٩٠ ومكي في المشكل ٢ / ٢٢٣ و ٢٢٤ وكذلك الزجاج في المعاني ٤ / ٢٨٣ والتبيان ١٠٨٠.
(١٥) قال بذلك التوجيه أبو حيان في البحر ٧ / ٣٢٩.
(١٦) في «ب» الثاني تحريف وخطأ.
(١٧) أجازها الفراء وانتقض نفسه مرة أخرى فقال في المعاني ٢ / ٣٧٤ و ٣٧٥ : ولو جعلت «ما» في معنى «أي» كان صوابا يكون المعنى ليتهم يعلمون بأي شيء غفر لي ربي ولو كان كذلك لجاز له فيه : «بِما غَفَرَ لِي رَبِّي» بنقصان الألف كما تقول : سل عمّ شئت وكما قال : «فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ» وقد ـ