٤٢٠٠ ـ لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم |
|
لبئس النّدامى أنتم آل أبجرا (١) |
ويقال : أنزف أيضا أي نفذ (٢) شرابه. وأما الثانية فمن نزف أيضا بالمعنى المتقدم وقيل هو من قولهم : نزفت الرّكيّة أي نزحت (٣) ماءها. والمعنى أنهم لا تذهب خمورهم (٤) بل هي باقية أبدا ، وضمن ينزفون معنى يصدون عنها بسبب النّزيف.
وأما القراءتان الأخيرتان (٥) فيقال : نزف الرجل ونزف بالكسر والضم بمعنى ذهب عقله بالسّكر ، ولما ذكر تعالى صفة مشروبهم ذكر عقيبه صفة منكوحهم فقال : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ). (قاصِراتُ الطَّرْفِ) يجوز أن يكون من باب الصّفة المشبهة (٦) أي قاصرات أطرافهن كمنطلق اللّسان ، وأن يكون من باب إطلاق اسم الفاعل (٧) على أصله. فعلى الأول المضاف إليه مرفوع المحل (٨) وعلى الثاني منصوبه (٩) أي قصرن أطرافهنّ على أزواجهن. وهو مدح عظيم قال امرؤ القيس :
٤٢٠١ ـ من القاصرات الطّرف لو دبّ محول |
|
من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا (١٠) |
ومعنى القصر في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى : (مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢]. والمعنى أنهن يحبسن نظرهنّ ولا ينظرن إلى غير أزواجهن ، والعين جمع عيناء وهي الواسعة العينين والذّكر أعين (١١) ، قال الزجاج كبار الأعين حسانها (١٢) ، يقال رجل أعين ، وامرأة عيناه ، ورجال ونساء عين(١٣).
قوله : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) والبيض جمع بيضة وهو معروف والمراد به هنا بيض
__________________
(١) البيت مختلف في نسبته فقد نسب في المجاز ٢ / ١٦٩ إلى الأبيرد البياضي ونسبه القرطبي للحطيئة والسمين وأبو حيان إلى الأسود العنسي. وشاهده : استعمال (أنزف) رباعيا قاصرا وغير متعد. وانظر :
القرطبي ١٥ / ٧٩ والبحر ٧ / ٣٥٠ والسمين ٤ / ٥٤٩ ، والمحتسب ٢ / ٣٠٨ والكشاف ٣ / ٣٤٠.
(٢) في ب : فقد. وانظر : المعاني ٢ / ٣٨٥.
(٣) الكشاف ٣ / ٣٤٠ والكشف ٢ / ٢٢٤ والركية : البئر تحفر ؛ اللسان «ركا» ١٧٢٢ و ٤٣٩٧ «ن ز ف».
(٤) في ب : جمودهم. لحن وخطأ.
(٥) وهي قراءة ينزفون بفتح الياء وكسر الزاي ، وينزفون بالفتح والضم وانظر : الدر المصون ٤ / ٥٠٠.
(٦) حيث إنها تدل على الثبوت والدوام بخلاف.
(٧) اسم الفاعل فإنه يدل على التجدد والحدوث.
(٨) على اعتبار أن الطرف هو القاصر أي قصر طرفهن.
(٩) على اعتبار أن الطرف مقصور والفاعل ضمير في اسم الفاعل ، كما أوّل : «قصرن أطرافهن».
(١٠) له من الطويل والمحول : الصغير من الذر وهو ضرب من النمل ، والإتب القميص ويروى فوق الخدّ.
وهو يقول لا تنظر إلا إلى بعلها فقط والشاهد «قاصرات الطرف» فإنه اسم فاعل أضيف إلى مفعوله فهو منصوب وقد تقدم.
(١١) قاله أبو عبيدة ٢ / ١٧٠.
(١٢) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٠٤.
(١٣) اللسان عين ٣١٩٦ ، ٣١٩٧.