قال شهاب الدين : قد جاء (١) بقاء المضاف إليه على جرّه وهو قسمان قليل وكثير : فالكثير أن يكون في اللفظ مثل المضاف نحو قوله :
٤٢٤٩ ـ أكلّ امرىء تحسبين امرءا |
|
ونار توقّد باللّيل نارا (٢) |
أي وكل نار ، والقليل أن لا يكون كقراءة من قرأ : (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) بجر الآخرة فليكن هذا منه. على أن المبرد رواه بالرفع على إقامته (٣) مقام المضاف ، وقال الزجاج : الأصل (٤) ولات أواننا ، فحذف المضاف إليه فوجب أن لا يعرف وكسره لالتقاء الساكنين.
وقال أبو حيان : وهذا هو الوجه الذي قرره الزمخشري أخذه من أبي إسحاق (٥) يعني الوجه الأول وهو قوله ولات أوان صلح. هذا ما يتعلق بجر «حين» وأما كسرة لات فعلى أصل التقاء الساكنين كحين (٦) إلا أنه لا يعرف تاء تأنيث (٧) إلّا مفتوحة (٨). وقرأ عيسى أيضا بكسر التاء فقط ونصب حين كالعامة (٩). وقرأ أيضا ولات حين بالرفع (١٠). مناص بالفتح (١١). وهذه قراءة مشكلة جدا لا تبعد عن الغلط من راويها عن عيسى فإنه بمكان (١٢) من العلم المانع له من مثل هذه القراءة (١٣). وقد خرجها أبو الفضل الرازي في لوامحه على التقديم والتأخير وأن «حين» أجري مجرى «قبل وبعد» في بنائه على الضم عند قطعه عن الإضافة بجامع ما بينه وبينها من الظرفية الزمانية و «مناص» اسمها مبني على الفتح فصل بينه وبينها بحين المقطوع عن الإضافة والأصل : ولات مناص حين كذا ، ثم حذف المضاف إليه حين وبني على الضم وقدم فاصلا بين لات واسمها قال : وقد
__________________
(١) قاله في الدر المصون ٤ / ٥٨٨ ، ٥٨٩.
(٢) البيت من بحر المتقارب ، وهو لأبي دؤاد الإيادي وهو بيت مشهور في النحو. وشاهده حذف المضاف وبقاء المضاف إليه فلم يأخذ مكانه في الإعراب ـ وهو النصب هنا ـ لأن الشرط هنا أن المحذوف وهو المضاف في اللفظ مثل ما عطف عليه وهو المضاف الأول. وقد تقدم.
(٣) لم أجد هذا في المقتضب ولا في الكامل وقد نقل هذا الرأي عن المبرد الإمام أبو جعفر النحاس في الإعراب ٣ / ٤٥٤ ومكي في المشكل ٢ / ٢٤٨ والسمين في الدر ٤ / ٩ والقرطبي في الجامع ١٥ / ١٤٩.
(٤) قاله في معاني القرآن وإعرابه له ٤ / ٣٢١.
(٥) البحر المحيط ٧ / ٣٨٤.
(٦) فكان الأصل حين بسكون النون فحركت النون للتخفيف لالتقاء الساكنين.
(٧) في ب : التأنيث بأل.
(٨) وما تقرأه من لعبت وسمعت ومثل هذا فجاءوا بالتسكين حتى لا يتوالى أربع حركات في الكلمة.
(٩) مختصر ابن خالويه ١٢٩ وإعراب النحاس ٣ / ٤٥٢ والبحر ٧ / ٣٨٤.
(١٠) المختصر السابق والدر المصون ٤ / ٥٨٩.
(١١) المرجع الأخير السابق.
(١٢) في ب : بمكانة أي عيسى ببعد عن هذه الأشياء.
(١٣) انظر : الدر المصون ٤ / ٥٨٩.