التأييد. وقد يقال : إنه لا يراد حقيقة الجوارح ، إذ كلّ أحد كذلك إنما المراد الكناية عن العمل الصالح والتفكر ببصيرته (١) ، فلم يقلق حينئذ إذ لم يرد حقيقة الأبصار وكأنه قيل أولي القوة والتفكر بالبصيرة (٢) ، وقد نحا الزمخشري إلى شيء من هذا قبل ذلك (٣) ، قال ابن عباس : أولي القوة في طاعة الله والأبصار في المعرفة بالله أي البصائر في الدين ، وقال قتادة ومجاهد أعطوا قوة في العبادة وبصرا (٤) في الدين.
قوله : (بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) بالإضافة (٥) وفيها أوجه :
أحدها : أن يكون إضافة خالصة إلى «ذكرى» ، للبيان لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى كما في قوله : (بِشِهابٍ قَبَسٍ) [النمل : ٧] لأن الشهاب يكون قبسا وغيره (٦).
الثاني : أن «خالصة» مصدر بمعنى إخلاص فيكون مصدرا مضافا لمفعوله والفاعل محذوف أي بأن أخلصوا ذكرى الدار وتناسوا عندها ذكر (ى) (٧) الدنيا ، وقد جاء المصدر على فاعله كالعافية ، أو يكون المعنى بأن أخلصنا نحن لهم ذكرى الدّار.
الثالث : أنها مصدر أيضا بمعنى الخلوص فتكون مضافة لفاعلها أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار(٨). وقرأ الباقون بالتنوين وعدم الإضافة وفيها أوجه :
أحدها : أنها مصدر بمعنى الإخلاص فتكون : «ذكرى» منصوبا به (٩) ، وأن يكون بمعنى الخلوص فيكون «ذكرى» مرفوعا به كما تقدم (١٠).
والمصدر يعمل منونا كما يعمل مضافا. أو يكون خالصة اسم فاعل على بابه ، «وذكرى» بدل أو بيان لها (١١). أو منصوب بإضمار أعني (١٢) ، أو مرفوع على إضمار (١٣) مبتدأ. و «الدار» يجوز أن يكون مفعولا به «بذكرى» وأن يكون ظرفا إما على الاتّساع ، وإما على إسقاط الخافض. ذكرهما أبو البقاء (١٤). و «خالصة» إذا كانت صفة فهي صفة لمحذوف أي بسبب خصلة خالصة (١٥).
__________________
(١) في ب : بالبصيرة.
(٢) وانظر : الدر المصون ٤ / ٦١٣ والبحر ٧ / ٤٠٢.
(٣) الكشاف ٣ / ٣٧٧.
(٤) في ب : وصبرا. وانظر : البغوي ٦ / ٦١ وهي من القراءات المتواترة انظر السبعة ٤٥٤ والإتحاف ٣٧٣.
(٥) انظر : التبيان ١١٠٢ والبيان ٢ / ٣١٦ والكشف ٢ / ٢٣١.
(٦) الياء سقطت من أهنا وفي ب «ذكرت» والمعنى قريب. وقد ذكر هذه الأوجه كلها العكبري في التبيان ١١٠٢ والسمين في الدر المصون ٤ / ٦١٤ وذكر الثاني والثالث مكي في المشكل ٢ / ٢٥١.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) على المفعولية وانظر : الدر المصون المرجع السابق والتبيان ١١٠٢.
(٩) السابقان.
(١٠) السابقان.
(١١) الإعراب للنحاس ٣ / ٤٦٧ والمعاني للزجاج ٤ / ٣٣٦ والمشكل ٢ / ٢٥١.
(١٢) التبيان ١١٠٢.
(١٣) الدر المصون ٤ / ٦١٤.
(١٤) التبيان ١١٠٢ والسمين في الدر المرجع السابق.
(١٥) المرجع السابق.