بتخفيفها (١) ، فأما الأولى «فظنّه» مفعول به (٢) والمعنى أن ظنّ إبليس ذهب إلى شيء فوافق فصدق هو ظنه على المجاز والاتساع ومثله : كذّبت ظنّي ونفسي وصدّقتهما وصدّقاني وكذّباني وهو مجاز شائع سائغ أي ظن شيئا فوقع (٣) وأصله من قوله : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) [النساء : ١١٩] وقوله : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [ص : ٨٢] (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) [الأعراف : ١٧] فصدق ظنه وحققه بفعله ذلك بهم واتباعهم إياه. وأما الثانية : فانتصب «ظنه» على ما تقدم من المفعول به كقولهم «أصبت ظنّي ، وأخطأت ظنّي» (٤) أو على المصدر بفعل مقدر أي «يظنّ ظنّه» أو على إسقاط (الخافض (٥) أي) في ظنّه (٦) ، وزيد بن علي والزّهريّ بنصب «إبليس» ورفع «ظنّه» (٧) كقول الشاعر :
٤١٣٠ ـ فإن يك ظنّي صادقا فهو صادق |
|
..........(٨) |
جعل «ظنه» صادقا (٩) فيما ظنه مجازا واتساعا ، وروي عن أبي عمرو برفعهما (١٠) وهي
__________________
(١) ذكر أبو البقاء ١٠٦٧ وابن الأنباري ٢ / ٢٧٩ والفراء في معانيه ٢ / ٣٦٠ والنحاس ٣ / ٣٤٤ والزجاج في ٤ / ٢٥١ ومكي في المشكل ٢ / ٢٠٨.
(٢) الدر المصون ٤ / ٤٣٢.
(٣) التبيان ١٠٦٧ والبيان لابن الأنباري ٢ / ٢٧٩ قال ابن الأنباري : «أن يكون منصوبا انتصاب المفعول به على الاتساع». وقال أبو البقاء في التبيان : «قوله تعالى : «صَدَّقَ عَلَيْهِمْ» بالتخفيف و «إبليس» فاعله ، و «ظنه» بالنصب على أنه مفعول ، كأنه ظن فيهم أمرا وواعده نفسه فصدقه».
(٤) في «ب» صدقه بدل «ظنه» وهو تحريف وخطأ فالتصحيح من «أ» ومن المعنى واللفظ أيضا وانظر : بيان ابن الأنباري ٢ / ٢٧٩ ومشكل إعراب مكي ٢ / ٢٠٨ والدر المصون ٤ / ٤٣٣.
(٥) ما بين القوسين سقط من «ب».
(٦) التبيان ١٠٦٧ والبحر المحيط ٧ / ٢٧٣ والدر المصون ٤ / ٤٣٣ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٥٢ والفراء في معانيه ٢ / ٣٦٠.
(٧) أوردها ابن جني في المحتسب ٢ / ١٩١ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٢٨٦ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ٢٩٠ ومكي في المشكل ٢ / ٠٨ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٧٩ والنحاس في إعراب القرآن ٣ / ٣٤٣ والفراء في معاني القرآن ٢ / ٣٦٠. وقد اعترض أبو حاتم ـ فيما نقله النحاس في إعرابه ـ على هذه القراءة قال : «ولا وجه لهذه القراءة عندي والله عزوجل أعلم» ، مع أن التفاسير السابقة نقلتها ووجهها الفراء فقال : «ولو قرأ قارىء ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ، يريد : صدقه ظنه عليهم كما تقول : صدقك ظنك والظن يخطىء ويصيب». وانظر هذه القراءة أيضا في التبيان لأبي البقاء ١٠٦٧ والبحر لأبي حيان ٧ / ٢٧٣.
(٨) صدر بيت من الطويل غير منسوب لقائل عجزه :
.......... |
|
يفد نحوكم ألفا من الخيل أقرعا |
والأقرع : السّنام. وقد استشهد به على إسناد الصدق إلى الظن مجازا واتساعا ، والبيت في التبيان ١٠٦٧ والحجة لأبي علي ١ / ٢٥ والدر المصون ٤ / ٤٣٣ واللسان ألف والمذكر والمؤنث ٥٢٢ ومجمع البيان للطّبرسيّ ٧ / ٦٠٧.
(٩) المثبت في كلتا النسختين : «صادقة» والظاهر «صادقا».
(١٠) الكشاف ٣ / ٢٨٦ وابن خالويه ١٢١ والفراء ٢ / ٣٦٠ وجعلها على التكرير أي البدل.