أي فمطلبها عليه كهلا ، وأنشد أيضا :
٤١٣٥ ـ تسلّيت طرا عنكم بعد بينكم |
|
بذكراكم حتّى كأنّكم عندي (١) |
أي عنكم طرّا ، وقد جاء تقديم الحال على صاحبها المجرور على ما يتعلق به قال الشاعر :
٤١٣٦ ـ مشغوفة بك قد شغفت وإنّما |
|
حمّ الفراق فما إليك سبيل (٢) |
أي قد شغفت بك مشغوفة وقال الآخر :
٤١٣٧ ـ غافلا تعرض المنيّة للمرء |
|
فيدعى ولات حين إباء (٣) |
أي تعرض المنية للمرء غافلا قال : وإذا جاز تقديمها (٤) على صاحبها وعلى العامل فيه فتقديمها على صاحبها وحده أجوز (٥) قال : وممن حمله (٦) على الحال ابن عطية فإنه قال : قدمت للاهتمام والمنقول عن ابن عباس قوله إلى العرب وللعجم ولسائر الأمم وتقديره إلى الناس كافّة (٧). وقول الزمخشري : لا يستوي له الخطأ الأول إلى آخره شنيع لأن القائل بذلك لا يحتاج إلى جعل اللام بمعنى «إلى» لأن «أرسل» يتعدى باللام قال تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٩] وأرسل مما يتعدى باللام وبإلى وأيضا فقد جاءت اللام بمعنى «إلى» و «إلى» بمعناها (٨).
قال شهاب الدين : أما أرسلناك للناس فلا دلالة فيه لاحتمال أن تكون اللام لام المجازيّة وأما كونها بمعنى «إلى» والعكس فالبصريون (٩) لا يتجوّزون (١٠) في الحروف ، و «بشيرا» و «نذيرا» حالان أيضا.
__________________
(١) من الطويل كسابقه ولكنه في تلك المرة مجهول وشاهده كسابقه أيضا حيث تقدم الحال على صاحبه المجرور بالحرف «طرّا عنكم» ومعنى «طرا» : جميعا والبين الفراق. انظر : الأشموني على ابن مالك ٢ / ١٧٧ ، والدر ٤ / ٤٤٢ ، والبحر ٧ / ٢٨١ والتصريح ١ / ٣٧٩ وشرح ابن الناظم ١٢٩ وفتح القدير للشوكاني ٤ / ٣٢٧.
(٢) من تمام الكامل مجهول القائل وشغفه الحب شغافة وهو غلاف القلب ويجوز «شعفه» بالعين من شعفه أي أحرقه وقيل : أمرضه وحمّ : قدّر. والفاء للتعليل و «ما» نفي. والشاهد : مشغوفة بك حيث وقع حالا مقدما من المجرور وهو الكاف مجرور محلا ، وقدم الحال على «بك» وما تعلق به الجار وهو «شغفت» ، وانظر : الأشموني ٢ / ١٧٧ وشرح ابن الناظم ١٢٩ والبحر المحيط ٧ / ٢٧١ والدر المصون ٤ / ٤٤٢.
(٣) من الخفيف مجهول القائل وشاهده كما قبله «غافلا تعرض المنية للمرء» ـ حيث قدم الحال على صاحبه المجرور «للمرء» وما تعلق به الجار وهو «تعرض» و «لات» بمعنى ليس واسمها محذوف والخبر هو «حين إباء» أي وليس الحين حين إباء «أي امتناع» وقد تقدم.
(٤) البحر المرجع السابق.
(٥) كذا هي في البحر وما في «ب» أجود.
(٦ و ٧) المرجع السابق.
(٨) البحر المحيط مع تصرف ببعض كلماته.
(٩) كذا هي في الدر المصون ٤ / ٤٤٣.
(١٠) في (ب) لا يجوزون. وقد قال أبو البقاء في التبيان : «وذاك أن اللام على هذا تكون بمعنى إلى إذ المعنى أرسلناك إلى الناس ، ويجوز أن يكون التقدير : من أجل الناس» التبيان ١٠٦٩.