فيكون مصدرا مضافا لمرفوعه (١) ، وإما على الاتساع في الظرف فجعل كالمفعول به فيكون مضافا لمنصوبه (٢) وهذا أحسن من قول من قال : إن الإضافة بمعنى «في» أي في الليل (٣) ، لأن ذلك لم يثبت في (غير) (٤) محل النزاع (٥) ، وقيل : مكر الليل والنهار طول السلامة وطول الأمل (٦) فيهما كقوله تعالى : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) [الحديد : ١٦] وقرأ العامة مكر بتخفيف الراء ساكن الكاف مضافا لما بعده ، وابن يعمر وقتادة بتنوين : «مكر» وانتصاب الليل والنهار ظرفين (٧). وقرأ أيضا وسعيد بن جبير وأبو رزين بفتح الكاف وتشديد (٨) الراء مضافا لما بعده أي كرور الليل والنهار ، واختلافهما ، من كرّ يكرّ إذا جاء وذهب ، وقرأ ابن جبير أيضا وطلحة وراشد القاري (٩) ـ وهو الذي كان يصحح المصاحف أيام الحجاج بأمره ـ كذلك إلا أنه ينصب الراء (١٠) ، وفيها أوجه :
أظهرها : ما قاله الزمخشري وهو الانتصاب على المصدر قال : «بل تكرون الإغواء مكرا دائما لا تفترون عنه» (١١).
الثاني : النصب على الظرف بإضمار فعل أي بل صددتمونا مكرّ الليل والنهار (١٢) أي دائما.
الثالث : أنه منصوب «بتأمروننا». قاله أبو الفضل الرازي (١٣). وهو غلط ؛ لأن ما بعد المضاف لا يعمل فيما قبله (١٤) إلا في مسألة واحدة وهي «غير» إذا كانت بمعنى «لا» كقوله :
__________________
ـ صادر. وأم غيلان فيه هي عتبة بنت جرير وانظر كذلك مجاز القرآن ١ / ٢٧٩ وزاد المسير ٦ / ٢٥٨.
(١) الفاعل لأنه هو الفاعل المجازي وهذا تأكيد لآراء السابقين. وانظر مراجعهم السابقة.
(٢) وهو رأي أبي القاسم الزمخشري قال : «ومعنى مكر الليل والنهار مكركم في الليل والنهار فاتّسع في الليل وهو الظرف بإجرائه مجرى المفعول به وإضافة المكر إليه أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الإسناد المجازي» انظر : الكشاف ٣ / ٢٩١.
(٣) قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : «معناه بل مكركم في الليل والنهار». وتبعه تلميذه النّحّاس في الإعراب. انظر : معاني الزجاج ٤ / ٢٥٤ وإعراب النحاس ٣ / ٣٤٩.
(٤) سقط من «ب».
(٥) نقله في الدر المصون ٤ / ٤٤٦.
(٦) نقله البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٩٣.
(٧) قاله ابن جني في المحتسب ٢ / ١٩٣ و ١٩٤ وانظر : الكشاف ٣ / ٢٩١ والبحر المحيط ٧ / ٢٨٣ وزاد المسير ٦ / ٤٥٨.
(٨) المحتسب ٢ / ١٩٣ و ١٩٤ وابن خالويه ١٢٢ والبحر ٧ / ٢٨٣ والقرطبي ١٤ / ٣٠٣.
(٩) لم أعثر على ترجمة له غير ما هو أعلى من تصحيح المصاحف كما في المحتسب.
(١٠) المحتسب والبحر والمختصر والقرطبي المراجع السابقة.
(١١) الكشاف ٣ / ٢٩١.
(١٢) وهو كلام ابن جني في محتسبه انظر : المحتسب ٢ / ١٩٤ والدر المصون ٤ / ٤٤٧.
(١٣) نقله عنه أبو حيان في بحره وهو أبو الفضل صاحب اللوامح انظر : البحر ٧ / ٢٨٣.
(١٤) نقله أبو حيان في المرجع السابق قال : لأن ما بعد «إذ» لا فيما قبلها.