وابن يعمر وخليد بن نشيط (١) «جعل» فعلا ماضيا بعد قراءة فاطر بالجر (٢) وهذه كقراءة : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ) [الأنعام : ٩٦]. والحسن وحميد (٣) رسلا بسكون السين (٤) وهي لغة تميم. وجاعل يجوز أن يكون بمعنى مصير أو بمعنى خالق فعلى الأولى يجري الخلاف هل (٥) نصب الثاني باسم الفاعل أو بإضمار فعل هذا إن اعتقد أن جاعلا غير ماض أما إذا كان ماضيا تعين أن ينتصب بإضمار فعل (٦).
وتقدم تحقيق ذلك في الأنعام (٧) وعلى الثاني ينتصب على الحال (٨) ، و (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) صفة لأجنحة و «أولي» صفة لرسلا (٩).
وتقدم تحقيق الكلام في مثنى وأختيها في سورة النساء (١٠). قال أبو حيان وقيل : أولي أجنحة معترض و «مثنى» حال والعامل فعل محذوف يدل عليه رسلا أي يرسلون مثنى وثلاث ورباع (١١). وهذا لا يسمى اعتراضا لوجهين :
أحدهما : أن «أولي» صفة لرسلا والصفة لا يقال فيها معترضة.
والثاني : أنها ليست حالا من «رسلا» (بل) (١٢) من محذوف فكيف يكون ما قبله معترضا؟ ولو جعله حالا من الضمير في «رسلا» لأنه مشتق لسهل ذلك بعض شيء
__________________
(١) هو كما هو في ابن جني والبحر «خليد» وفي «ب» خليل وهو تحريف ولم أقف عليه.
(٢) المختصر ١٢٣ ، والمحتسب ٢ / ١٩٨ والبحر ٧ / ٢٩٧.
(٣) هو حميد بن قيس الأعرج أبو صفوان المكي ثقة أخذ عن مجاهد بن جبر وعنه سفيان بن عيينة مات سنة ١٣٠ ه ، انظر : غاية النهاية ١ / ٢٦٥.
(٤) لم أجدها في المتواتر نقلها أبو حيان في بحره ٧ / ٢٩٧.
(٥) في «ب» «على» بدل «هل».
(٦) لأنه إذا كان بمعنى الماضي فإن لا يشبه الماضي فإن «ضاربا» ليس على عدد «ضرب» ولا مثله في حركاته وسكناته فكذلك لا تقول : زيد ضارب عمرا أمس ولا وحشي قاتل حمزة يوم أحد. بتصرف شرح المفصل ٦ / ٧٦.
(٧) عند قوله تعالى : «فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً» وبين هناك أن أكثر النحويين يجعلون فالق وجاعل بمعنى الماضي لأن الفلق والجعل قد كانا فعلى هذا يكون نصب «سكنا» على إضمار فعل وهناك من نصبه بالفعل المذكور ، انظر : اللباب ٣ / ٩٥ ب الأنعام. وانظر : شرح المفصل لابن يعيش ٦ / ٧٨.
(٨) يقصد : «رسلا» وقد قال بهذا الإعراب أبو البقاء في التبيان ١٠٧٢.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) عند قوله : «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ» وهي الآية ٣ منها وأوضح أن هذه أعداد معدولة في حال التنكير فتعرفت بالعدل ومنعت من الصرف للعدل والتعريف ومن قائل : إنها للعدل والصفة والفائدة في عدلها الدلالة على التكرير فمعنى مثنى : اثنان اثنان وثلاث : ثلاثة ثلاثة.
وهكذا.
(١١) قاله في البحر ٧ / ٢٩٩.
(١٢) سقط من «أ».