الاستصحاب ولا غيره من الأصول في أطراف العلم الإجمالي.
وجوابه ظاهر ، فإنّ العلم الإجمالي وإن كان موجودا إلّا أنّه انحلّ بالظفر بالمقدار المعلوم بل أكثر.
ثمّ إنّ شيخنا الأستاذ قدسسره استشكل في جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة بدعوى أنّ الشرائع السابقة إن كانت منسوخة بجميع أحكامها ـ بأن كانت أحكام الشرائع اللاحقة أحكاما جديدة بعضها مغاير وبعضها مماثل لها ـ فعدم الجريان واضح ، وإن لم تكن كذلك ، فاستصحاب بقاء ما شكّ في نسخه لا يثبت كونه ممضى في شريعتنا (١).
وفيه : أنّ نسخ شريعة لا يكون إلّا بتبديل بعض أحكامها ، حيث إنّ الأنبياء صلوات الله عليهم ـ سفراء من الله لا يبلّغون إلّا الأحكام الإلهيّة التي جعلها الله تعالى على عباده ، فهم صلوات الله عليهم ـ بلا تشبيه من قبيل وزراء سلطان واحد في أنّ اللاحق ينسخ من قوانين السابق ما أمره السلطان بنسخة ، ويبقى الباقي على حاله ، لا من قبيل وزراء سلاطين متعدّدة في كون كلّ منهم يجعل قوانين برأسه ربما يوافق بعضها ما جعله الآخر اتّفاقا.
ثمّ لا يكون الاستصحاب مثبتا ، ضرورة أنّه بنفسه إمضاء ، وهل يكون التعبّد بعدم نقض اليقين بثبوت حكم في الشريعة السابقة بالشكّ ـ الّذي هو أحد مصاديق «لا تنقض اليقين بالشكّ» الثابت في شريعتنا ـ إلّا إمضاء لثبوته في شريعتنا؟
هذا ، ولكنّ الإشكال في أصل استصحاب عدم النسخ ، فإنّ النسخ لو كانت حقيقته رفعا ، لكان الاستصحاب جاريا بلا إشكال ، لكنّه مستلزم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٥.