وفيه : أنّه لا بدّ من أن ينظر إلى أدلّة تنجّس الملاقي للنجس ، ومعرفة أنّ الموضوع للنجاسة هل هو مجرّد نجاسة أحد الجسمين وتماسّه مع الجسم الرطب. أو أنّ الموضوع هو انتقال بعض أجزاء النجس إلى الجسم الطاهر ، المعبّر عنه في اصطلاح الفقهاء بالسراية؟ ولا يكاد يستفاد شيء منهما من روايات الباب على كثرتها ، وإنّما أوكل أمر ذلك إلى العرف. والموضوع بحسب فهمهم ـ على ما هو الشأن في القذارات العرفيّة ـ هو السراية.
وكيف كان ، فإن كان الموضوع هو الأوّل ، فالمقام داخل في الموضوعات المركّبة ، فإنّ أحد جزأي الموضوع ـ وهو المماسّة ـ محرز بالوجدان ، وجزءه الآخر ـ وهو رطوبة الثوب ـ محرز بالاستصحاب ، فيترتّب عليه حكمه ، وهو نجاسته ، ولا واسطة في البين لا خفيّة ولا جليّة.
وإن كان هو الثاني ، فحيث إنّه عنوان بسيط لازم لتحقّق الجزءين فاستصحاب بقاء رطوبة الثوب بعد إحراز مماسّته للأرض النجسة من أوضح أنحاء الأصل المثبت.
هذا كلّه في غير الحيوان ، أمّا في الحيوان : فإن بنينا على تنجّسه بالملاقاة وأنّ زوال عين النجس أو المتنجّس عن بدنه مطهّر له ، كما هو المشهور ، فلا إشكال في استصحاب بقاء الرطوبة النجسة في رجل البقّ أو البعوضة مثلا ، إذا كان الثوب أو البدن الملاقي مع لأجل الحيوان مرطوبا بحيث تسري النجاسة منها إليه ، فإنّ الملاقاة وجدانيّة ونجاسة بدن الحيوان مستصحبة ، فيلتئم الموضوع المركّب.
وإن بنينا على عدم تنجّسه بذلك وأنّ النجس هو البول أو الدم الّذي أصاب بدنه وأمّا بدنه فهو طاهر ، فلا يجري الاستصحاب ولو قلنا بأنّ موضوع التنجّس مركّب من مجرّد الملاقاة ورطوبة النجس أو الملاقي ولو لم تكن سراية