في البين ، إذ استصحاب بقاء البول في رجل الذباب أو منقار الديك مثلا ، لا يثبت ملاقاة الماء ـ الّذي وقع فيه الذباب أو منقار الديك ـ للنجس.
والفرق : أنّ الملاقاة في غير الحيوان وجدانيّة على هذا القول ـ أي القول بعدم ترتّب النجاسة على السراية ـ بخلاف الحيوان ، فإنّ المعلوم هو ملاقاة الماء لمنقار الديك ، والمفروض أنّه لا أثر لها في تنجّسه ، وإنّما الأثر لملاقاته للبول الّذي أصاب المنقار ، وهي غير معلومة لنا بالوجدان ، واستصحاب بقاء البول على المنقار لا يثبت ملاقاة الماء للبول.
فاتّضح الفرق بين الحيوان وغيره ، وظهر عدم تماميّة ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره من جريان الاستصحاب في الحيوان وغيره لو قلنا بتركّب الموضوع من الملاقاة والرطوبة ، وعدم جريانه فيهما لو لم نقل بذلك وقلنا بالسراية (١).
ومنها : استصحاب عدم دخول رمضان أو شوّال لإثبات كون الغد أوّل رمضان أو الشوّال وترتّب أحكام أوّل الشهر ، وهكذا ثانية وثالثة إلى آخره (٢).
وأجاب شيخنا الأستاذ قدسسره عنه بأنّه لا يبتنى على الأصل المثبت ، وذلك أنّ ما دلّ على توقّف ثبوت أوّل الشهر على الرؤية أو مضيّ ثلاثين يوما من الشهر السابق حاكم على أدلّة الأحكام الثابتة بعنوان أوّل الشهر (٣).
وما أفاده وإن كان تامّا بضميمة عدم القول بالفصل بين وجوب الصيام وغيره من أحكام أوّل الشهر وسائر الأحكام الثابتة بعنوان ثاني الشهر وثالثة إلى آخره إلّا أنّا لا نحتاج إليه ، إذ يمكننا استصحاب بقاء أوّل الشهر بعد مضيّ دقيقة أو أقلّ من اليوم الّذي نتيقّن أنّه من شوّال ونشكّ في أنّه أوّله أو ثانيه.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٢٠ ـ ٤٢١.
(٢) فرائد الأصول : ٣٨٧.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٤٢١ ـ ٤٢٢.