وصول الماء إلى ما تحت خاتمه عند الغسل أو الوضوء ، فإنّ غلبة الماء أمر خارجي قهري غير مستند إلى اختياره.
والظاهر عدم شمول الروايات لهذه الصورة بناء على ما اخترناه من كون حجّيّة القاعدة من باب الكاشفيّة ، وأنّ الشارع أمضى تلك الكاشفيّة النوعيّة بمقتضى قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (١) و «كان حين انصرف أقرب إلى الحقّ منه بعد ذلك» (٢) ومن المعلوم أنّ الغافل المحض لا يكون مشمولا للرواية ، ووصول الماء قهرا وصدفة إلى ما تحت خاتمه من دون اختياره غير مستند إلى أذكريّته ، إذ الفرض أنّه كان غافلا حين العمل.
الثاني : أن يكون الشكّ في صحّة العمل من جهة الشكّ في كون المأتيّ به هل وقع في الخارج مطابقا للمأمور به ، وأنّه عمل بوظيفته أم لا؟ وبعبارة أخرى : يحتمل غفلته حال العمل عن الإتيان بما هو وظيفته.
ولا فرق في هذه الصورة بين أن يكون الشكّ لأجل الشبهة الموضوعيّة ـ كما إذا شكّ في أنّه صلّى بلا سورة أو معها ، أو صلّى بلا ركوع أو معه مع العلم بأنّ الركوع والسورة جزءان من الصلاة ـ أو لأجل الشبهة الحكميّة ، كما إذا علم بأنّه صلّى بلا سورة ويشكّ في أنّ السورة جزء أو لا ، لكن يحتمل أن يكون عمله مستندا إلى فتوى من لا يرى وجوب السورة ، فإنّ الشكّ في كلّ منهما راجع إلى الشكّ في انطباق المأمور به على المأتيّ به بذاته أو بلونه وعدمه.
وهذه الصورة بكلا قسميها هي القدر المتيقّن من روايات الباب ، فإنّ احتمال الأذكريّة والأقربيّة إلى الحقّ موجود في كلا القسمين ، غاية الأمر أنّه
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ١ : ٤٧١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٢) الفقيه ١ : ٢٣١ ـ ١٠٢٧ ، الوسائل ٨ : ٢٤٦ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل ، الحديث ٣.