وأمّا الصورة الثالثة منها ـ وهي صورة الثبوت بإقرار ذي اليد ـ فالصحيح فيها انقلاب الدعوى ، فعلى ذي اليد أن يثبت انتقاله إليه بسبب من الأسباب ، فإنّ إقرار متضمّن لدعوى الانتقال إليه.
وهل يلحق الإقرار للمورّث بالإقرار لنفس المدّعي؟ الظاهر لا ، لثبوت السيرة على الأخذ بمقتضى اليد في ذلك ومطالبة المدّعي بالإثبات ، ضرورة أنّه لا تسمع عند العقلاء دعوى من يقول : إنّ هذه الدار التي بيد زيد إرث لي من جدّي الأعلى بعشرين واسطة.
والوجه الاعتباري ـ الّذي أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره من أنّ الملكيّة كخيط اعتباري اتّصل أحد طرفيه بالمالك والآخر بالمال ، وفي البيع يتبدّل الطرف المتّصل بالمال وفي الإرث الطرف المتّصل بالمالك ، فيكون الوارث بمنزلة المورّث ، والإقرار له بمنزلة الإقرار للوارث (١) ـ لا يفيد ولا يمكن إثبات الحكم الشرعي به.
وبذلك ظهر شأن أبي بكر في مطالبة البيّنة عن فاطمة عليهاالسلام في أمر فدك التي أقرّت ـ سلام الله عليها ـ أنّها كانت لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وادّعت ـ بأبي وأمّي فداها ـ أنّه صلىاللهعليهوآله ملّكها إيّاها عليهاالسلام ، فإنّه لو سلّمت بفرض المحال ـ وكيف المحال ـ ولاية أبي بكر على المسلمين ، وفرض أنّ ما ابتدعه واختلقه كذبا على الله ورسوله ـ من أنّه قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ذهبا ولا فضّة ، وإنّما نورّث العلم والحكمة ، وأنّ ما تركناه صدقة وفيء للمسلمين» ـ صدر من النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا تصحّ مطالبة البيّنة ، ضرورة أنّها مخالفة لما هو كالضروري ويعرفه أدنى مسلم من «أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦١ ـ ٤٦٢.