الاستصحاب ، وقد عرفت أنّه محكوم باليد كما هو المفروض.
وأمّا الصورة الثانية منها ـ وهي صورة الثبوت بالبيّنة ـ فذهب جماعة ، منهم : شيخنا الأستاذ قدسسره إلى أنّها كالصورة السابقة وأنّ البيّنة لا تزيد عن العلم الوجداني ، بل ذكر أنّ البيّنة لو شهدت بالملكيّة الفعليّة ، وعلمنا بأنّ مدركها هو الاستصحاب ، لا تنقلب الدعوى ، إذ نعلم بشهادتهما بالاستصحاب المحكوم باليد في نظر الشارع (١).
وذهب جماعة أخرى إلى انقلاب الدعوى وصيرورة ذي اليد مدّعيا والمدّعي منكرا ، نظرا إلى جواز الشهادة بالاستصحاب. وهو الحقّ الحقيق بالتصديق ، للروايات الكثيرة الدالّة على ذلك.
منها : ما ورد في قضاء ابن أبي ليلى الملعون ما مضمونه : أنّ رجلا غاب عن أهله وأولاده ثلاثين سنة فهل يجوز لنا الشهادة عند ابن أبي ليلى بأنّ هذه الدار له ، وأنّه لم يتزوّج ثانيا ولم تكن له أولاد غير هذه مع أنّا نحتمل أنّه نقل داره إلى غيره وتزوّج بزوجة أخرى وصار له أولاد أخر؟ فقال عليهالسلام : «نعم» (٢) وغير ذلك من الروايات.
مضافا إلى كفاية نفس ما دلّ على أنّ القضاء لا بدّ أن يكون بالأيمان والبيّنات ، ضرورة أنّ الشهادة بالملكيّة الفعليّة تحتاج إلى العلم بالغيب ، وأنّ كلّ بيّنة يشهد بمقتضى الاستصحاب ، فإنّ غايته أنّه يعلم بملكيّة المدّعي قبل يوم أو يومين ويحتمل انتقاله إلى غيره بعد ذلك ، فلولاه لزم تعطيل باب القضاء رأسا.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٥٩ ـ ٤٦٠.
(٢) انظر الكافي ٧ : ٣٨٧ ـ ٢ و ٤ ، والتهذيب ٦ : ٢٦٢ ـ ٦٩٦ و ٦٩٨ ، والوسائل ٢٧ : ٣٣٦ ، الباب ١٧ من أبواب الشهادات ، الحديث ١ و ٢.