المحرّم مثلا ، ومضت عليه ستّة أشهر ، ثم ملك على رأس ستّة أشهر أوّل الرجب إبلا واحدة فتمّ نصاب السادس ، فبعد مضيّ سنة على خمس وعشرين تجب خمس شياة ، وبعد ذلك بستّة أشهر أوّل الرجب الآتي يجب بنت مخاض بمقتضى مضيّ الحول على نصاب السادس ، وهو ستّ وعشرون ، وبما أنّا نعلم أنّه لا تجب الزكاة في سنة واحدة مرّتين فيقع التزاحم بين التكليفين (١).
وما أدري ما الّذي دعاه إلى ذلك؟ وأيّ فرق بينه وبين قيام دليلين أحدهما على وجوب الظهر ، والآخر على وجوب الجمعة يومها وعلم بعدم وجوب كليهما من الخارج؟ فإنّ المقام بعينه من هذا القبيل ، إذ لا مانع من التكليف بأداء الزكاة في سنة مرّتين مع القدرة عليه.
ولما ذا لا يكون المقام من باب تعارض المدلول المطابقي لأحد الخطابين مع المدلول الالتزامي من الآخر؟ للعلم بعدم وجوب زكاة مال واحد في سنة واحدة مرّتين ، حيث إنّ المدلول المطابقي لدليل وجوب خمس شياة يعارض المدلول الالتزامي من دليل وجوب بنت مخاض عند الرجب الآتي ، وهو عدم وجوب خمس شياة في أوّل المحرّم الآتي الّذي هو زمان مضيّ الحول على خمس وعشرين ، وهكذا العكس ، فنعلم بكذب أحد الدليلين ، وعدم ثبوت أحد التكليفين : إمّا التكليف بوجوب خمس شياة ، أو وجوب بنت مخاض. وبالجملة ، نحن لا نتعقّل التزاحم في غير موارد العجز عن الامتثال.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٠٤.