الخلاف في الوقت وظهر بعد إتيان الجمعة مثلا بمقتضى دليل أنّ الواجب الواقعي في حقّه هو الظهر ، تتدارك مصلحة فضيلة الوقت فقط ، التي فاتت منه بسبب العمل بالأمارة ، فيجب عليه إتيان الظهر في الوقت. وإن انكشف بعد مضيّ الوقت ، فيتدارك ما فات من مصلحة الوقت بسببه لا أزيد ، فيجب عليه قضاء الظهر ، لعدم فوت مصلحة أصل الفعل بسببه حتى يلزم تداركها. وإن لم ينكشف الخلاف أصلا إلى آخر عمره ، فتتدارك مصلحة الظهر بتمامها وكمالها.
وأخرى يراد منها السببيّة الباطلة التي التزم بها الأشاعرة والمعتزلة ، وهي أنّ قيام الأمارة موجب لصيرورة متعلّق المؤدّى متعلّقا للغرض ، أو موجب لحدوث مصلحة فيه أو في نفس الأمر بالعمل على طبق الأمارة ، والجامع بين السببيّة المعتزليّة والسببيّة الأشعريّة أن يكون مؤدّى الأمارة هو حكما واقعيّا ناشئا عن ملاك مسبّب عن قيام الأمارة. والفارق بينهما أنّ الأشعري ليس عنده حكم واقعي إلّا ما أدّت إليه الأمارة ، والمعتزلي يقول بانقلاب الحكم الواقعي بقاء بسبب قيام الأمارة.
فإن كان المراد منها هو الأولى ، فعدم الدخول في باب التزاحم واضح ، فإنّ السببيّة بهذا المعنى عين الطريقيّة ، إذ لها كاشفيّة وطريقيّة تحدث في سلوكها مصلحة يتدارك بها ما فات ، ومن المعلوم أن لا كاشفيّة للمتعارضين ، لسقوط كاشفيّتهما بواسطة التعارض ، كما عرفت ، فلا موضوع لحدوث المصلحة حينئذ ، فيدخل في باب التعارض لا محالة.
وإن كان المراد منها هو الثانية ، فتارة يقال بأنّ قيام الأمارة نظير العناوين الثانويّة ـ كالاضطرار والسفر ـ يوجب تعنون الفعل أو الترك بعنوان يكون به متعلّقا للغرض أو ذا مصلحة ، وأخرى يقال بأنّه موجب لحدوث مصلحة في نفس أمر المولى بالعمل على طبق الأمارة بلا حدوث مصلحة في نفس