المتعلّق ، إذ يمكن أن لا تكون مصلحة في العمل بقول العادل مثلا أصلا لكن تكون في أمر المولى بالعمل بقوله ، فإنّه احترام له وتجليل لشأنه ، مثلا : إلزام المولى عبده بالعمل بقول ضيفه ، له مصلحة ولو أمر الضيف بما لا مصلحة له أصلا ، إذ نفس الأمر بالعمل بقول الضيف تكريم وتعظيم لشأنه وخلافه إهانة به.
وعلى كلّ تقدير إمّا تؤدّي الأمارتان إلى الإلزام بضدّين لهما ثالث ، كالقيام والقعود ، أو ضدّين ليس لهما ثالث ، كالحركة والسكون ، أو إلى حكمين متناقضين ، كإيجاب شيء وعدم إيجابه بعينه ، أو حكمين متضادّين ، كإيجاب شيء وتحريم هذا الشيء بعينه ، فهذه أربع صور.
فإن كان قيام الأمارة نظير عنوان الاضطرار موجبا لحدوث مصلحة مثلا في نفس الفعل أو الترك ، فصورة واحدة من الصور الأربع ـ وهي صورة الإلزام بضدّين لهما ثالث ـ تدخل في باب التزاحم لا محالة ، إذ المفروض حدوث المصلحة في القيام والقعود كليهما بسبب قيام الأمارة على وجوبه ، ولا مانع من جعل كلا التكليفين ، غاية الأمر أنّه لا يقدر المكلّف على امتثال كليهما ، فيقع التزاحم في مقام الامتثال (١).
وأمّا باقي الصور فلا يعقل فيه التزاحم ، إذ إيجاب ضدّين ليس لهما ثالث كليهما تكليف بما لا يطاق ، وأحدهما تخييرا طلب للحاصل ، لعدم خلوّ المأمور عن الحركة والسكون ، وهكذا جعل حكمين متناقضين أو متضادّين يرجع إلى الإلزام بالفعل والترك معا ، أو الإلزام بالفعل والرخصة في الترك ، وجعل أحدهما تخييرا طلب للحاصل ، وكلاهما محال في حقّ الحكيم تعالى ،
__________________
(١) رجع السيّد الأستاذ دام بقاؤه في هذه الدورة وذهب إلى التعارض في هذا الفرض أيضا ، وهكذا فيما سيأتي من فرض حدوث مصلحة في عقد القلب من السببيّة. (م).