التوقّف على قرينة الحكمة ، وعدم التوقّف عليها.
وأورد صاحب الكفاية قدسسره في كفايته وحاشيته على الشيخ قدسسره بأنّ هذا يتمّ في المتّصل ، حيث يمنع العموم الوضعي عن انعقاد الظهور للمطلق في الإطلاق ، دون المنفصل ، إذ بعد انعقاد الظهور للمطلق لا ينقلب عمّا هو عليه ، فلا وجه لترجيح العموم الوضعي عليه مع كون كلّ منهما ظاهرا في العموم (١).
والصحيح ما أفاده الشيخ قدسسره ، فإنّ انعقاد الظهور مع الانفصال مقام ، وحجّيّة هذا الظهور وكون ظاهره مطابقا للمراد الجدّي مقام آخر. والأوّل ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام في الثاني ، حيث إنّ مجرّد كون الكلام ظاهرا في معنى لا يفيد شيئا ما لم يكن حجّة عند العقلاء ، وهم لا يحكمون بحجّيّة ما كان له ظهور عند نصب قرينة منفصلة على الخلاف ، فإنّ بناءهم على كون ظاهر الكلام مرادا للمتكلّم ، وكون مراده الاستعمالي مطابقا لمراده الجدّي معلّق على عدم نصب قرينة على الخلاف إلى الأبد ، ومن المعلوم أنّ ما لم يكن الكلام ظاهرا في المراد الجدّي لم يكن حجّة ، ولذا لو قال المولى : «أكرم العلماء» وبعد مدّة علمنا من الخارج أنّه لا يريد إكرام العالم الفاسق أو صرّح هو بذلك ، لا يشكّ أحد في سقوطه عن الحجّيّة في العموم ، فالمطلق الشمولي المنفصل وإن كان ظاهرا في العموم إلّا أنّ هذا الظهور مع وجود العموم الوضعي ـ الّذي هو بمنزلة التصريح بإكرام كلّ واحد من أفراد العامّ ـ ليس بحجّة ، فإنّه يعدّ عرفا بيانا للمراد من المطلق ، فيسقط عن الحجّيّة بمقدار نصب القرينة على الخلاف ، وهو الفاسق العالم ، فيحكم بحرمة إكرام الفاسق غير العالم ، ويبقى عموم «أكرم كلّ عالم» على حاله ويرتفع التعارض.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥١٢ ـ ٥١٣ ، حاشية فرائد الأصول : ٢٧٦.