الثالث : ما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره من أنّ المطلق الشمولي مقدّم على المطلق البدلي ك «لا تكرم الفاسق» و «أكرم عالما» لوجوه :
أحدهما : أنّ تقديم المطلق البدلي مستلزم لإخراج فرد عن تحت حكم المطلق الشمولي دون العكس ، فإنّه لا يوجب ذلك ، إذ ليس له إلّا فرد واحد ، غاية الأمر أنّه يوجب تضييق دائرة هذا الفرد الواحد الّذي يكون المكلّف في سعة من اختياره على أيّ صفة كان (١).
ويرد عليه أمران :
أحدهما : أنّ هذا وجه اعتباري استحساني لا يصحّ أن يعدّ مرجّحا ، فإنّ إخراج الفرد كما يكون خلاف الظاهر كذلك تضييق ما يكون موسّعا أيضا خلاف الظاهر ، فأيّ مرجّح لأحدهما على الآخر؟
وثانيهما : أنّ تقديم المطلق الشمولي أيضا يستلزم الإخراج الفردي ، وذلك لما مرّ في بحث المطلق والمقيّد من أنّ المطلق البدلي ك «أكرم عالما» له ظهوران : أحدهما بالمطابقة ، وهو وجوب إكرام عالم ما ، والآخر بالالتزام ، وهو ترخيص تطبيق طبيعيّ العالم ـ الّذي حكم بإكرام صرف وجوده ـ على أيّ فرد شاء المكلّف ، فتقديم المطلق الشمولي وإن كان لا يخرج فردا عن تحت الحكم الإلزاميّ إلّا أنّه موجب لخروج الفرد الفاسق من العالم عن تحت الحكم الترخيصي ، وهو جواز تطبيق المأمور به على أيّ فرد يريد المكلّف.
ثانيها : أنّ الإطلاق في كلّ من البدلي والشمولي وإن كان من جهة مقدّمات الحكمة إلّا أنّ البدلي له مقدّمة أخرى غير ما كان مشتركا مع الشمولي ، وهو إحراز عدم تفاوت أفراد العالم في «أكرم عالما» وتساويها في حصول
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦١ ـ ١٦٢.