الامتثال بأيّ فرد منها ، وهذا بخلاف المطلق الشمولي ، ك «لا تكرم الفاسق» فإنّه ليس كالبدلي حكما واحدا على موضوع واحد يكون أمر تطبيقه بيد المكلّف ، بل متكفّل لأحكام عديدة حسب تعدّد موضوعاته الخارجيّة ، فكلّ فرد من الفاسق محكوم بحكم مغاير لحكم الفرد الآخر ، ومن المعلوم أنّ أفراد الفاسق مختلفة من حيث مراتب الفسق ، والشارع حكم بمقتضى الإطلاق بحرمة إكرام جميع هذه الأفراد المختلفة في المبغوضيّة ، كاختلاف مبغوضيّة أخذ درهم من الرّبا أو درهمين منه ، واختلاف مبغوضيّة قتل المؤمن والمسلم والذمّيّ ، ففي المطلق الشمولي حيث سرى الحكم إلى جميع الأفراد على اختلاف مراتبها لا وجه لإحراز تساوي الأفراد ، وهذا بخلاف البدلي ، إذ لا يصحّ إكرام العالم الفاسق إلّا بعد إحراز كونه مساويا للعادل في حصول الامتثال به ، والمطلق الشمولي يمنع عن هذا التساوي (١).
وهذا الّذي أفاده تامّ على تقدير كون التخيير في المطلق البدلي عقليّا ، أمّا على ما اخترناه من كونه شرعيّا مستندا إلى كون المتكلّم في مقام البيان مع عدم بيان خصوصيّة فلا يفرق بينهما من جهة تماميّة مقدّمات الحكمة في كلّ منهما ، فالعالم الفاسق يكون موردا للتعارض ، فإنّه مساو لغيره في حصول الامتثال بمقتضى المطلق البدلي الدالّ على التخيير شرعا ، ولا يكون مساويا لغيره ، لكونه محرّم الإكرام بمقتضى العموم المستفاد من المطلق الشمولي.
وممّا يشهد على كون التخيير شرعيّا أنّه لو لم يكن المطلق البدلي مبتلى بالمعارض ، لا إشكال في حصول الامتثال بأيّ فرد كان ولو احتملنا مدخليّة شيء من خصوصيّات الأفراد وجودا أو عدما في الحكم ، فلو كان إحراز
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦١ ـ ١٦٢ ، و ٢ : ٥١٣ ـ ٥١٤.