عن السؤال لا أنّه علّة للجواب ـ كما في المرفوعة ـ حتى يتعدّى منه إلى غيره.
هذا ، مضافا إلى أنّ الخبرين بعد ما كانا كلاهما مشهورين كما فرضه السائل وكان أحدهما مخالفا للعامّة يطمأنّ بصدورهما وأنّ الموافق صدر تقيّة ، فيصدق عرفا أنّ المخالف لهم هو حقّ ورشد والموافق باطل وضلال ، فالمراد من كون الرشد في الخبر المخالف لهم هو الرشد العرفي لا الإضافي.
مع أنّ المناط في الترجيح لو كان أقربيّة أحدهما من الآخر إلى الصدور ، لم يبق مورد لإطلاقات التخيير إلّا نادرا ، إذ قلّما يكون الخبران المتعارضان متساويين بحيث لا يكون في أحدهما شيء يوجب ذلك ولو كان راوي أحدهما اثنين والآخر واحدا ، فإنّ الأوّل أقرب إلى الصدور من الآخر.
هذا ، ولكن ما ذكرنا من أنّ الموافق يطمأنّ بصدوره تقيّة قابل للمناقشة ، إذ الاحتمالات كثيرة ، ونحتمل إرادة خلاف الظاهر من المخالف وصدور الموافق لبيان الحكم الواقعي ، فالأولى أن يقال : إنّ حمل «الرشد» في «فإنّ الرشد في خلافهم» ـ على تقدير صدوره ـ على الرشد الإضافي ـ كما أفاده الشيخ ـ بعيد عن الأذهان ، كما أنّ حمله على الحسن ـ بأن كان المعنى : فإنّ الحسن في مخالفتهم ـ بعيد عن اللفظ ، وظاهر اللفظ أنّ المخالف لهم مطابق للواقع وحقّ ، لكن من المعلوم أنّه ليس دائما كذلك ، فيعلم أنّ هذا التعليل لأجل الغلبة وأنّ الغالب هو موافقة الخبر الموافق لهم للتقيّة ، بل الغالب مخالفته للواقع إمّا لأجل أنّه صدر تقيّة في موارد تعارض الخبرين ، أو لأجل أنّ العامّة يتعمّدون الكذب على الله غالبا ولا يبالون به ، فالخبر الموافق لهم بحسب الغالب غير مطابق للواقع ، فالتعليل من جهة غلبة المطابقة في الخبر المخالف ، ولا بأس بالتعدّي لو فرض العلم في مورد بمثل هذه الغلبة إلّا أنّه ليس لنا طريق إلى ذلك في غير ما أخبر به الإمام عليهالسلام ، وهو المخالف للعامّة.