وإن كان موضوعها من يكون مستنبطا للحكم فعلا وعالما بالحكم فعلا عن دليله التفصيليّ ، فلا يجوز التقليد لمثل هذا الشخص ، فإنّه يرى خطأ غيره وجهله ، فرجوعه إلى من رجوع العالم إلى الجاهل ، فنعرّفه بأنّه «العلم بالحكم عن دليله التفصيليّ».
وأمّا جواز تقليد الغير إيّاه : فموضوعه بحسب الروايات والآيات هو عنوان «الفقيه» و «أهل الذّكر» و «العالم بالأحكام» عن أخبار الأئمّة المعصومين عليهمالسلام وشبهها لا عن الجفر والرمل ونحوهما ، فلا بدّ من تعريف الاجتهاد الّذي هو موضوع لهذا الحكم بما عرّف به الفقهاء الفقه ، وهو العلم بالأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة. فلو فرض أنّ أحدا لا يعرف من الأحكام إلّا حكما أو حكمين أو مقدارا لا يكون به مصداقا للفقيه وأهل الذّكر بالحمل الشائع ، لا يجوز للغير تقليده ، بل لا بدّ من معرفته بالأحكام بمقدار معتدّ به بحيث يصدق عليه عرفا أنّه فقيه وعالم ومن أهل الذّكر ، وهكذا لا يجوز تقليد من يكون عالما بالأحكام من طريق الرمل والجفر وشبههما وإن كان علمه حجّة له ، لكن هذا الشخص ليس موضوعا لهذا الحكم ـ يعني جواز تقليد الغير إيّاه ـ في الأدلّة.
وأمّا القضاء : فموضوعه في المقبولة هو «من روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» (١) فلا بدّ من صدق هذه العناوين بأن كان عارفا بالأحكام بالمقدار المعتدّ به عن الطرق الشرعيّة لا عارفا بحكم أو حكمين ، ولا عارفا عن طريق الرمل ونحوه.
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ ـ ١٠ و ٧ : ٤١٢ ـ ٥ ، التهذيب ٦ : ٢١٨ ـ ٥١٤ و ٣٠٢ ـ ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.