الجهات ، ولا ريب في حجّيّة رأي الميّت على الموجودين بالفعل لو كانوا في زمان حياته ، وأزيد من هذا المقدار ليس في استصحاب الأحكام الكلّيّة.
وهكذا لا إشكال من حيث الشكّ اللاحق ، لأنّ موضوع الحجّيّة في الأدلّة ليس هو الفقيه والعالم حتى يرتفع بالموت عند العرف بنحو يعدّ عوده يوم القيامة عندهم من إعادة المعدوم وإن لم يكن كذلك في الحقيقة ، بل الموضوع هو الرّأي ، كما أنّ موضوع حجّيّة الخبر والشهادة هو الرواية والشهادة ، وليست الحجّيّة دائرة مدار الرّأي حدوثا وبقاء ، بل الحجّيّة ثابتة إلى الأبد بمجرّد حدوث الرّأي لو لا احتمال اشتراط الحياة.
والحاصل : أنّ بعض موضوعات الأحكام يكون الحكم تابعا له وجودا وعدما ، كالخمر ، فإنّ زوال عنوان الخمريّة مساوق لزوال حرمته ، ولو كان بعد ذلك حراما ، لكان بحسب الفهم العرفي حكما جديدا لموضوع جديد ، وبعضها تكون الأحكام تابعة لحدوثه ، وبمجرّد الحدوث يبقى الحكم إلى الأبد ، كما في الرواية والشهادة عند بعض ، فإنّ مجرّد حدوثهما موضوع لوجوب القبول إلى الأبد فيبقى ولو مات الراوي والشاهد ، فلو كان موضوع الحجّيّة هو الفقيه والعالم مثلا ، لكان الحكم مرتفعا بالموت قطعا ولم يكن شكّ في البقاء ، لكنّ الأمر ليس كذلك ، فإنّ الموضوع هو الرّأي ، ونشكّ في حجّيّته بحدوثه ما دام الحياة أو إلى الأبد.
وأمّا ما في الكفاية من أنّ بقاء الرّأي ممّا لا بدّ منه في جواز التقليد ، ولذا لو زال أو تبدّل لارتفعت الحجّيّة قطعا (١) ، ففيه : أنّه لا فرق بين رأي المجتهد ورواية الراوي في موضوعيتهما للحكم في لسان الدليل ، فكما أنّ الرواية
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٤٥.