بحدوثها تكون موضوعا كذلك رأي المجتهد.
وأمّا زوال الحكم بتبدّل الرّأي فمن جهة أنّه حكم ظاهريّ يزول بانكشاف الخلاف ، والرواية والشهادة أيضا كذلك ، فإذا رجع الراوي عن روايته وقال : «اشتبهت في النقل» لارتفع حكمها. وهكذا الشاهد إذا رجع عن شهادته أو انكشف خطؤه.
وأمّا زوال الحكم بزوال الرّأي بجنون ونحوه فأوّلا بالإجماع كما ادّعي. وثانيا بالفرق بين الموت وغيره ، فإنّ الموت يكون كمالا للإنسان ، فالعرف وإن كان يرى الرّأي زائلا بالموت إلّا أنّه لا يرى صاحبه جاهلا عاميّا ، بل يزور قبره ويقبّل ضريحه مثلا ، وهذا بخلاف ما إذا زال رأيه بالجنون ، فإنّ تقليده عندهم تقليد للعاميّ بل لمن يلحق بالحيوانات.
والحاصل : أنّ مقتضى الاستصحاب هو حجّيّة الرّأي إلّا أن يدلّ دليل على خلافه من إجماع ونحوه ، ولولاه لكان اللازم هو القول بحجّيّة رأي من صار مجنونا أيضا.
فظهر أنّ الاستصحاب من حيث اليقين السابق والشكّ اللاحق لا إشكال فيه ، ولكن مع ذلك لا يجري ، لأمرين :
أحدهما : ما بنينا عليه سابقا من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة إذا نشأ الشكّ من سعة دائرة الجعل وضيقها.
ثانيهما : أنّ جريان الاستصحاب في مورد لم يكن فيه دليل في البين ، والدليل موجود في المقام ، وهو إطلاقات الأدلّة من الآيات والروايات ، فإنّ المنع عن كونها في مقام البيان من هذه الجهة بلا وجه ـ وليعلم أنّ المدّعى وجود الإطلاق فيما لم تعلم المخالفة بين الميّت والحيّ في الفتوى ، وسيجيء الكلام في مورد العلم بالمخالفة ـ فإنّها في مقام بيان المقلّد وما يعتبر فيه ،