فيستشهد الرسل رسول الله ، فيشهد بصدق الرسل ويكذب من جحدهم من الأمم ، فيقول لكلّ امة منهم : (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، أي : مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم ، ولذلك قال الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوآله : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) ، فلا يستطيعون ردّ شهادته ، خوفا من أن يختم الله على أفواههم وأن يشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون ، ويشهد على منافقي قومه وأمته وكفّارهم ، بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهده وتغييرهم سنته واعتدائهم على أهل بيته وانقلابهم على أعقابهم وارتدادهم على أدبارهم واحتذائهم في ذلك سنّة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لأنبيائها ، فيقولون بأجمعهم : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ)».
أقول : يستفاد من هذه الرواية امور :
الأول : أنّ جحود الأمم للأنبياء في يوم الجزاء قبل نطق جوارحهم ، كما يدلّ عليه الآية الشريفة : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة النور ، الآية : ٢٤] ، وقبل شهادة الأنبياء ، لأنّ ليوم الجزاء مواقف متعدّدة ومراحل كثيرة.
الثاني : أنّ جحود الأمم للأنبياء في يوم الجزاء إنّما يكون منشأه كفرهم بالله العظيم في هذه الدنيا ورسوخ الملكات السيئة في نفوسهم الحاصلة من عنادهم ولجاجهم مع الأنبياء في الدنيا ، ويدلّ على ذلك آيات شريفة وآيات كثيرة ، يأتي التعرّض لها في محلّها إن شاء الله تعالى.
الثالث : استشهاد الأنبياء رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنّه أشرفهم ومكمّل رسالاتهم ، وهو صلىاللهعليهوآله يعلم بما جرى في الأمم السالفة بوحي من الله عزوجل ، فيشهد بصدق الرسل وتأدية الرسالات ، ويكذب من جحدها.
الرابع : يستفاد منها مقام رسول الله صلىاللهعليهوآله عند الله تعالى ، فإنّه له عند الله