الشريفة ، يتوقّف فيها المؤمن بعد السير الطويل في جملة من الأحكام الإلهيّة ؛ لبيان أنّها هي الّتي تدعم هذين الركنين.
والآية الشريفة بمنزلة التعليل لجميع تلك الأحكام الّتي شرّعها عزوجل والإرشادات الربوبيّة والتوجيهات الإلهيّة ، فتكون الباعث القوي على العمل بتلك الأحكام ، لا سيما أحكام القتال مع أعداء الله تعالى ، وتكون تثبيتا للمشاعر الإيمانيّة ، وتقوية للنفس على احتمال تبعات تلك التكاليف وثقلها مادامت تؤدّي إلى عبادة الله الواحد الأحد ، ومادام الجزاء محفوظا عنده عزوجل ، يجازي العباد على ما عملوا في يوم القيامة الّذي سيجمع الناس فيه.
والآية المباركة بمنزلة القاعدة العريضة الّتي تبتني عليها جميع التكاليف الإلهيّة ، وإنّ كلّ قتال وجهاد لا بدّ وأن يكون على هذا الأساس ، فمضمونها قانون عامّ تظهر فيه جميع الأحكام.
والمعنى واضح ، فهو الله لا إله إلّا هو ، لا يعبد غيره ، ولا يجوز التقصير في عبادته ويجب الخضوع لأمره ، فإنّه شرّع لكم من الأحكام ما يوجب سعادتكم في الدارين.
قوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ).
تهديد لمن أعرض عن الأحكام الإلهيّة وعبادة الله الواحد الأحد ، وتوكيد لما ورد في الآيات السابقة ، فإنّ من يطع الله ويعمل ويجاهد في سبيله يؤمن من فزع يوم الحشر.
الجمع : في المقام بمعنى الحشر ؛ ولذا عدّي ب : (إلى) ، كما عدّي الحشر بها ، قال تعالى : (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٥٨] ، وقيل : إنّ (الى) بمعنى (في) ، أي : ليجمعنكم في يوم القيامة.
وقيل : إنّ (الى) صلة في الكلام ، والمعنى ليجمعنكم يوم القيامة.