مأخوذ من هذه الآية الشريفة ، ولا غرو في ذلك لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاه من الذوق الرفيع والذهن الثاقب وأفاض عليه من العلوم ما جعله يعلم أسرار كلامه عزوجل ، ومنحه الفصاحة حتّى جعله أفصح من نطق بالضاد ، ويأتي في البحث الفقهي ما يرتبط بالمقام.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) أنّ الشح كامن في كلّ نفس ، وهو من الغرائز المودعة فيها ، ويكون حاضرا إذا توفّرت المقتضيات ، ويؤثّر أثره عند زوال المانع ، والمقتضيات كثيرة منها الشقاق ، والنزاع والإعراض ونحو ذلك. وأمّا المانع من تأثيره فإنّما هي التقوى ؛ ولذا ورد التأكيد على لزومها ومراعاتها.
وأمّا معالجة هذه الغريزة إنّما تكون بالإحسان بالمعنى الأعمّ الشامل لكلّ خير وإنفاق ونحوه. ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى في ذيل الآية الشريفة : (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على وجوب القسمة بين الأزواج ، وهي من المستطاع الّذي يجب مراعاته ، والمنفي إنّما هو الميل القلبي ، وبعض الأمور الخارجة عن الاختيار والآية الكريمة لا تشملها. وأمّا الّذي يمكن أن يقع تحت الاختيار فهو واجب كما عرفت ، وسيأتي في البحث الفقهي ما يرتبط بالمقام فراجع.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) على أنّ الفرقة والطلاق لم يكن مأمورا به من قبل الشارع ، وإنّما هو أمر اختاره الزوجان ، بقرينة إسناد الفعل إليهما بعد أن لم ينفع الصلح والاتّفاق وعدم الرغبة من الزوجين على دوام الزوجية ، وعدم إبداء الحرص منهما أو من أحدهما على استرضاء الآخر ، وهذا ممّا يؤكّد على أنّ الطلاق أمر مبغوض في الشرع الإسلامي ـ كما عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» ـ ولم يؤمر به في حالة من الأحوال