وفي الآية الشريفة من التشويق والترغيب والوعد الكبير ما لا يخفى ، وقيل : إنّ فيه معنى التعجيب ، أي : وما أحسن أولئك رفيقا.
والمعنى : حسن مرافقة أولئك الطوائف الّتي يرتفق بهم لرفع كلّ ما يوجب الخوف والحزن.
وإنّما وصف رفقتهم بالحسن ؛ لاحتياج الإنسان بالرفقة في السفر الطويل الّذي يستقبله ، فتفيض تلك الطوائف على من يرافقهم ممّا أنعم الله تعالى عليهم ؛ ولأنّ في رفقة هؤلاء الخير الكثير ؛ ولتأثير الرفيق في صاحبه أثرا كبيرا ، فإذا كان ممّن أنعم الله عليه ، كان أثره في صاحبه حسنا ؛ ولارتفاق الأصحاب بعضهم بعضا.
ولا تختصّ الآية الكريمة بعالم دون عالم ، فتشمل عالم الدنيا والبرزخ والآخرة ، فإنّ في جميعها يحتاج الإنسان إلى رفيق يرافقه في مسيره الاستكمالي ، ليدله على الطريق الصحيح ويرشده إلى ما هو خير له ، ويجنّبه عن المخاطر. وفي الآية المباركة التفات من الغيبة الى الخطاب. كما أنّ في الآيات السابقة موارد مختلفة من الالتفات الدالّ على عظمة الخطاب وأهميّة الموضوع.
قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ).
الاسم (ذلك) إشارة إلى الجزاء الّذي ثبت للمطيعين ، ومنه مرافقة من أنعم الله عليه ، والفضل الّذي تفضّل الله تعالى عليهم. أي : أنّ ذلك الجزاء هو الفضل الّذي لا يكون غيره فضلا ، ولا يعلوه فضل آخر ، وليس له حدّ ، فإنّ فيه غاية السعادة ومنتهى الكمال الّذي يتفاضل به الناس ، وهذا الفضل هو من الله تعالى تفضّل به على عباده المطيعين ؛ ثوابا لهم على إطاعتهم وأعمالهم الصالحة.
وفي إتيان اسم الإشارة الدالّ على البعيد ، ودخول اللّام في الصفة (الفضل) أو الخبر ، يدلّ على تفخيم هذا الفضل وتعظيمه ، كأنّه هو الفضل دون غيره.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً).
لأنّ درجات الإيمان وثواب المطيعين واستحقاقهم ومقاديره ومراتب