واختلف في تخريج الرفع في «يدرككم» ، فقيل : إنّها على حذف الفاء ، وقيل : إنّه على تقدير مبتدأ معها ، أي : «فأنتم يدرككم» ، وقيل : هو مؤخّر من تقديم وجواب الشرط محذوف ، أي : يدرككم الموت أينما تكونوا يدرككم.
وأشكل عليه بوجوه ، والمسألة محرّرة في كتب النحو ، فمن شاء فليراجعها.
والمعروف قراءة : «مشيدة» بالتشديد ، وقرأ بعضهم بالتخفيف وفتح الميم ، كما في قوله تعالى : (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) [سورة الحج ، الآية : ٤٥] ، وقرأ آخر بكسر الياء على التجوّز ، كقوله تعالى : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [سورة القارعة ، الآية : ٧].
و «أين» في قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا) ظرف مكان ، وتأتي شرطا فيزاد «ما» بعدها ، وقد تخلو عن «ما» وتكون استفهاما ، ولم يسمع زيادة «ما» بعدها ، و «لو» وصليّة ، لا أن تكون شرطية.
وقوله تعالى : (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ) بليغ جدا ؛ لأنّ نفي المقاربة أبلغ من نفي الفعل ، كما هو واضح.
ونصب «رسولا» في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) على الحال المؤكّدة للجملة الّتي هي : «وأرسلناك».
بحث دلالي :
يستفاد من الآيات الشريفة أمور :
الأوّل : يستفاد من قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) الحالة النفسانيّة لبعض المؤمنين الّذين يندفعون في ابتداء الأمر إلى الإيمان اندفاعا لم يكن على استقرار وثبات ، وإنّما كان لأجل أمور وقتيّة ، فلما يأتي الاختبار الإلهي إذا هم يحجمون عن العمل بالتكاليف ، والقرآن إنّما يريد من المؤمن أن يكون على ثبات واستقرار ، يتبع أوامر الله تعالى بدقّة وإتقان ،