وهذا ما نراه في الجاهليّة المعاصرة الّتي استمدت شعارات برّاقة ليقاتل تحتها المؤمنين المستضعفين ، وهي شعارات زائفة من سبل الطاغوت ، فالآية المباركة تبيّن حقيقة كلّ واحد من الفريقين وأهدافهم ليعلم غيرهم ذلك ، ويثبت المؤمنين على طريقتهم ويعرضوا عن طريق أعدائهم ، ويرجع المخدوعون إلى الحقّ ويسيروا على نهج المؤمنين وهديهم.
قوله تعالى : (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ).
تحريض آخر للمؤمنين بالقتال ببيان ضعف سبيل الكافرين وتأكيد للحكم المزبور ـ وهو القتال في سبيل اللّه تعالى ـ وبيان للقاعدة الّتي يستند إليها المؤمنون الّذين هم أولياء اللّه تعالى ، وصلابتها أمام تلك الّتي يقف عليها أعداؤهم الّذين هم في ضلال ، لأنّهم أولياء الشيطان خارجون عن ولاية اللّه تعالى ، فيجب قتالهم حتّى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه للّه تعالى ، فهؤلاء يقاتلون في سبيل اللّه ، والكفّار يقاتلون في سبيل الطاغوت.
قوله تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً).
لأنّ الشيطان مهما تجبّر وتكبّر فهو ضعيف في حدّ نفسه ؛ لأنّه باطل ولا قوّة له ، فضلا عن القياس إلى قدرة اللّه تعالى وعظمته الّذي يقاتل أولياؤه في سبيله وهو وليّهم ، والشيطان وليّ الكافرين.
وفي الآية الكريمة كمال العناية بالمؤمنين ؛ لأنّ اللّه تعالى القوي القدير هو وليّهم يرعى شؤونهم. وتحريض لهم بأنّ الشيطان مهما تجبّر وتطاول ، فإنّه ضعيف ، فلا يرهبكم مكائده وحيله مهما بلغ في العدّة والعدوان ، فإنّ اللّه على نصركم لقدير.
ولمثل هذه الجملة أثر نفسيّ كبير في نفوس المؤمنين الّذين يريدون القتال في سبيل الحقّ ، وهم يذعنون بأنّهم أقوياء لا يغلبهم الباطل ، فتطمئن نفوسهم بالغلبة والنصر مهما كان في جانب الباطل من القوّة في العدد والعدّة.