ويكون وباله عليه مهما تنصّل عن ذلك ورمي به غيره زورا وافتراء ، فلا بد أن يتذكّر ذلك ويجعله نصب عينيه ، فإنّه لا يجديه رمي الغير به ، أو أن يتعهّد له متعهّد ، فإنّه وحده يتحمّل إثمه ، ووزره ووباله إنّما يكون على من كسبه فليحترز عن الذنب وتعريض النفس للعقاب.
والمراد بالكسب هو الفعل بقصد الانتفاع به ؛ ولذا لا يوصف فعل الربّ بالكسب لعدم تصوّر الانتفاع فيه عزوجل ، والإثم هو الذنب.
وهذه الآية الشريفة كالمقدّمة للآية التالية المتعرّضة للرمي بالخطيئة والإثم.
قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
أي : أنّ الله عليم يعلم أفعال عباده حكيم بأن جعل لكلّ فعل جزاء خاصّا ، ومن حكمته أنّه لا يؤاخذ أحدا إلّا بسبب إثمه.
وقد فسّرت هذه الآية آيات اخرى في مواضع متفرّقة من القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [سورة الانعام ، الآية : ١٦٤].
وقال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [سورة العنكبوت ، الآية : ١٢] ، وقال تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٦].
قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً).
بيان إلى أنّ الخطيئة والإثم الّذي يرتكبه أحد إذا رمى به بريئا كان إثما وخطيئة اخرى. والخطيئة والإثم والذنب والسيئة في الشرع تطلق على المعصية ، ولها مدلولات متفرّقة إلّا أنّه يمكن الفرق بينها أنّ الخطيئة تستعمل في المعصية الّتي تكون من غير تعمّد ، ثمّ توسّع فيها واستعملت في كلّ ما لا ينبغي أن يقصده الإنسان ، فتكون كلّ معصية وأثرها من مصاديق الخطيئة. وبناء على ذلك تكون