ولهذا القسم درجات ومراتب ، نسأل الله العظيم الفوز بمرتبة منها ، ولا تنال هذه النعمة الكبرى إلّا لمن عصمة الله تعالى وأمدّه بحقّ اليقين بالتجلّي له ، وكشف الأسرار له بإفاضة العلوم عليه ، وقرّبه إلى ساحته بخلع الأنداد عنه ، وكرّمه بتطهير النفس بمخالفة الهوى ونبذ الأغيار ، وشرّفه بالرقي إلى مقام عرفانه بالتوجّه إليه والقرب لديه.
منافيات الإخلاص :
الصفات الحميدة تقابلها الحالات السيئة ، وتفسدها الصفات المنافية لها ، فالشجاعة مثلا يفسدها الخوف ؛ لأنّه ينافيها ولا يمكن الجمع بين المتنافيين في النفس ، وكذا القناعة ينافيها الحرص والجشع ، كما أنّ الزهد ينافيه طول الأمل ، وكذا غيرها من الصفات.
والإخلاص ينافيه أمور كثيرة ؛ لأنّ سبب الإخلاص لله تعالى المعرفة والخوف ، فإذا زال أحدهما لم يتحقّق الإخلاص. وأهمّ ما ينافي الإخلاص أمور :
منها : الريا ـ نستجير بالله العظيم منه ـ فعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله عن الله تعالى في القدسيات : «أنا أغنى الشركاء ، من أشرك معي غيري تركته لغيري» ، وعنه صلىاللهعليهوآله : «أخوف ما أخاف على أمّتي الشرك الخفي ، وهو الريا» ، وغيرهما من الروايات ، وأنّه دقيق جدا ، «أدق من دبيب النمل في صخرة ملساء» ، وسببه حبّ الدنيا بأقسامه ، وللتخلّص منه طرق كثيرة لا يسع المجال للتعرّض لها.
ومنها : العجب بالعمل ، فإنّه مناف للإخلاص وقادح في كمال العمل ، وقد ورد في ذمّه روايات كثيرة.
ومنها : الاستهانة بالعمل ـ تحقيره ـ كما دلّت عليه روايات كثيرة.
ومنها : الإيكال في الأمور على غيره تعالى ، سواء كان على النفس أو غيرها.