بحوث المقام
بحث دلالي :
يستفاد من الآيات الشريفة أمور :
الأوّل : يستفاد من قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) منزلة من منازل الإيمان ، وهي ما إذا لم يستقر الإيمان في القلب ، ولم يستوعب المشاعر ، وهي المنزلة الضعيفة الّتي يكون فيها الفرد المؤمن قد اكتفى من الإيمان بالاسم ، وفي اللسان فقط يتظاهر بالطاعة ، وأما حالته النفسيّة فهي على تذبذب ونفاق ، يعطى الموافقة اللسانيّة ويضمر المخالفة ، وسرعان ما يظهر عدم موافقته على ما أبداه أمام الرسول القائد صلىاللهعليهوآله ، ويدلّ قوله تعالى : (فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ) على سرعة المخالفة وإضمار الشرّ ضدّ الإيمان والمؤمنين.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) على أنّ تلك الطائفة المنافقة وغيرها من ضعفاء الإيمان وأصحاب الشرّ والفساد لا تأثير لهم في الإسلام ، ولن يصيبوا الرسول صلىاللهعليهوآله والمؤمنين أذى ومكروها ؛ ولذا أمر عزوجل رسوله الكريم بالإعراض عنهم والتوجّه إليه تعالى ، فإنّه جلّ شأنه يتولّى جزائهم ويكفي المؤمنين أذاهم ، قادر على حماية الرسول صلىاللهعليهوآله والمؤمنين بالله تعالى.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ، أنّ للقرآن الكريم الأثر الكبير في إصلاح النفوس المريضة ، وأنّ الكتاب التكوينيّ كالكتاب التشريعيّ لا اختلاف فيهما ، فإذا كان التدبّر في القرآن العظيم موجبا لرفع الشكّ والتردّد ، كذلك له الأثر في رفع شكوك النفوس وتثبيتها على الإيمان. ويستفاد من الآية السابقة الدالّة على اختلاف الجنان مع اللسان ، ومن تعقيبها بهذه الآية الدالّة على أنّ التدبّر في القرآن