والوصول إلى أقصى مراتب الكمال بسعادة الدارين ، ونيل رضاه عزوجل ، ويبلغ القصد بالشهود بشرف العبوديّة في السير والسلوك حتّى لا يحتاج إلى دليل وبرهان في إثبات صفات الجمال والجلال ، تبعا للهجرة الموصلة إلى المطلوب ، بل قد ينال من الحياة الأبدية في هذه النشأة ، كما ورد في شأن بعض الخواص من أصحاب الصادق عليهالسلام.
ولو مات المهاجر قبل أن يصل إلى مراده ومسعاه ، فله نصيب من بلغ إلى ذلك المقام ، ففي الأثر : «أنّ المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن ، أمر حفظته أن يعلموه في قبره حتّى يبعثه الله يوم القيامة مع أهله» ، وقد ثبت في محلّه أنّ الرقي في عالم البرزخ موجود لأهله. وأمّا قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٢] ، إنّما هو بالنسبة لمن لا معرفة له أصلا ، لا من انكشف عنه الغطاء بالهجرة وارتفع العمى والحجاب بالسير والسلوك إلى حضرة الربوبيّة في رضاه تعالى برؤية آثاره وصفاته جلّت عظمته. وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» ، هذا بالنسبة إلى أعماله الخارجيّة وأمّا بحسب فضله تعالى فلا يتصوّر فيه حدّ حتّى ينقطع ، والمهاجر الحقيقي كان من نيته دوام الهجرة والتوطّن في المقامات العالية ؛ ولأجل ذلك أضاف جزاءه إلى نفسه الأقدس بقوله تعالى : (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ) ، ويدلّ على ما ذكرنا قوله تعالى في القدسيات : «لا يسعني أرضي ولا سمائي ، وإنّما يسعني قلب عبدي المؤمن».
موانع الهجرة :
وهي العوائق الموجودة في النفس ، المستندة إلى الأهواء الشريرة المتوطّنة في النفس البشرية الحاصلة من الوساوس الشيطانيّة ، كالتخويف بالموت أو الفوت أو المحبّة لما سواه تعالى من الأهل والمال والجاه ، فهذه حجب شيطانيّة تمنع عن الهجرة