على ذكره عزوجل في حال القيام والقعود وعلى جنوبكم ، والمراد منها الذكر المستوعب لجميع الأحوال.
وتبيّن الآية المباركة مراتب القدرة والعجز في الصلاة ، فيصلّي الأصحاء والقادرون على القيام قياما ، وقعودا إذا كانوا مرضى لا يقدرون على القيام ، وعلى جنوبهم إذا لم يقدروا على القعود ، فيصلّون مضطجعين كما فسّر في بعض الأخبار ، وهو الاضطجاع على الأيمن ، وإلّا فعلى الأيسر ، وإلّا فمستلقين ، وقد وردت في هذا الاحتمال روايات متعدّدة.
وذكر جمع أنّ الآية الكريمة في مقام بيان مراتب الخوف وشدّته. وقال آخر : يعني اذكروه على كلّ حال تكونون عليها من قيام ، ولكن إطلاقها يشمل جميع ذلك كما يشمل حال الحرب وحال السلم.
وكيف كان ، فالآية الكريمة تدلّ على لزوم المراقبة وذكر الله تعالى وعدم الغفلة عنه عزوجل في جميع الأحوال ، كما يدلّ عليه قوله تعالى : (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة الأنفال ، الآية : ٤٥]. والمداومة على ذكر الله من أقوى السبل على تربية النفس وترويضها على الاستكمال وبعد الغفلة عنه ؛ ولذا ورد التأكيد على كثرة الذكر في القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
قوله تعالى : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).
المراد من الاطمئنان هو الاستقرار وسكون النفس ، أي : إذا زال الخوف وقدرتم على إتيان الصلاة على ما يعتبر فيها من الشروط والواجبات الاختياريّة ، فيجب إتيان الصلاة تامّة على الوجه المأمور به مع الحفظ على أركانها وشرائطها وسائر واجباتها.
ويمكن إرجاع الآية الكريمة إلى ما قبلها ، فتكون قرينة على إرادة شدّة الخوف منها ، كما يمكن أن تجعل مقابلا لقوله تعالى : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) ، فيكون المراد هو الاستقرار في الأوطان. ويمكن الحمل على الأعمّ بحيث يشمل