صاحبها من الدنيا وأهلها ويأنس بالله تعالى وبأوليائه ، كما حصل لهمام عند خطبة الإمام علي عليهالسلام ؛ ولعلّ قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [سورة النساء ، الآية : ١٢٤] الأعم من الجنّة في الآخرة والجنّة في الدنيا من الصفات الحسنة والحالات الصالحة الّتي تختصّ بالأبرار وتكون مشابهة لحالات المؤمن في جنّة الآخرة ، قال تعالى : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٥] ، وللبحث مجال واسع ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا له بعد رفع هذه المصائب الّتي حلّت بهذه الأمّة بحقّ محمد وآله الطاهرين.
بحث فلسفي :
تكرّرت الآية الشريفة : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) في عدّة مواضع من القرآن الكريم ، وهي تشير إلى برهان قويم ، وهو : «انّ وحدة الفعل تدلّ على وحدة الفاعل» ؛ لأنّ كلّ ما برز في الوجود إنّما هو شأن من شؤونه عزوجل ، وهو الّذي يحيط بها الإحاطة التامّة ـ الوجوديّة والعلميّة والربوبيّة والقهّاريّة ـ ويستكشف من وحدة الفعل وحدة الفاعل والخالق ، وهذا من أحد الأدلّة الّتي استدلّ بها أكابر الفلاسفة على ثبوت الخالق ووحدته ، وقد اعتمد عليه بعض الفلاسفة المحدّثين. ولعلّ التأكيد عليها في القرآن الكريم لأنّ مضمونها يوافق الفطرة المستقيمة ، والقرآن الكريم يرجع الإنسان إلى فطرته ويذكّره منسيّها ، فإنّ وحدة الفعل من حيث النظام والترتيب والأثر والغاية ، لدليل على ثبوت الخالق ووحدته وعلمه الأتمّ ، وقد ذكرنا في أحد مباحثنا السابقة أنّ الأسلوب القرآني في ثبوت الخالق وصفاته العليا ، هو إرجاع الناس إلى الفطرة من جهة أمرهم بالتفكّر في خلقهم وخلق السموات والأرض وما يحيط بهم من الحوادث الكونيّة ، وهذا ما أكّد عليه القرآن الكريم في مواضع كثيرة.