الحقيقيّة إلّا استجابة دعاء الخليل من خليله ، وقد كانت دعوات خليل الرحمن الّتي ذكرها عزوجل في القرآن الكريم كلّها مستجابة.
ومنها : أنّ الخليل لا يرى لنفسه شيئا في مقابل مخلوقات الله تعالى وعباده ، بل يجعل نفسه مظهرا يرى فيها سائر مخلوقات الله تعالى ؛ ولذا ترى أنّ إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام لا يدعو في دعواته الكريمة إلّا لأهل الإيمان مطلقا ، كما حكاها عزوجل في كتابه العزيز ، قال تعالى : محكيا عنه : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٤١].
ومنها : ما جعله الله أبا الأنبياء لما له عليهالسلام عند الله تعالى شأن عظيم وجاه رفيع.
ومنها : أمر الناس باتّباع ملّته عليهالسلام ، كما تقدّم في سورة البقرة.
ومن الجنّات الممنوحة للمؤمنين في هذه الدنيا جنّة المؤانسة بأقسامها ـ مؤانسة ذكر ، ومؤانسة قرب ، ومؤانسة شهود ـ وتحصل هذه الجنّة بالتوجّه إليه بالإخلاص والذكر بتمام أقسامها ، كما مرّ في أحد مباحثنا العرفانيّة ، قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد ، الآية : ٢٨] ، ولها مراتب ومنازل.
ومنها : جنّة الخشوع ، ولا تحصل هذه الجنّة إلّا من استكمل عنده نعمة الهيبة والمعرفة وفاز بجنّة اللقا ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً* وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [سورة الإسراء ، الآية : ١٠٧ ـ ١٠٩] ، ولها مراتب ، فمنها الخضوع والخشية وغيرها.
ومنها : لذّة المناجاة والتملّق عند بابه ، فهي من الجنّات الّتي أظهرها الله تعالى في هذه الدنيا ولا يعرفها إلّا أهلها من الأولياء والصالحين.
ومنها : جنّة الرغبة والرهبة ـ كما تقدّم البحث عنهما ـ إلى غير ذلك من الصفات الحسنة الّتي توجب رقي النفس وراحتها وتصل إلى مرتبة يستوحش