التوجيهات الإيمانيّة ، فإنّ الإيمان يرتبط بتوجيهات أخلاقيّة وأحكام تشريعيّة لا يلتزم بها إلّا المؤمنون.
وفي الآية المباركة التذكير الدائم للمؤمنين وتحديد مهمّتهم. ولم يذكر سبحانه وتعالى كيفيّة الحذر ولا خصوصياته ؛ إيكالا لما تتطلبه الظروف الحربيّة في كلّ مكان وزمان. فالآية الشريفة على إيجازها البليغ تحدّد المسؤوليّة في الجهاد بأن لا يخرج عن الحدود الإيمانيّة ، والغرض من الجهاد وهو الدفاع والحيطة من الأعداء.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) ـ بضميمة صدر الآية الشريفة ـ على وجوب الاستعداد للجهاد وبذل كلّ جهد في سبيله ، لئلّا تموت العزائم في إقامة الحقّ وتخور القوى في تطهير الأرض من الظلم.
الثالث : تدلّ الآية الكريمة : (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) على أنّ في صفوف المؤمنين من لا يفكّر إلّا في نفسه ؛ لأنّ الإيمان لم يتعمّق في قلبه ، متذبذب في تفكيره ومتردّد في أفعاله ، يتبع المصلحة الوقتيّة المادّية ، فتارة يتمنّى الدخول في سلك المؤمنين إن أصابوا المغانم مع كمال البعد بينه وبين المؤمنين ، وأخرى يفتخر ويتشدّق بعدم الانخراط فيهم ، فلم يصبه من القتل والجراح في سبيل اللّه تعالى ، فالآية المباركة تصوّر واقع هؤلاء بأحسن تصوير وتبيّن حالتهم النفسيّة بأوجز عبارة وأبلغ أسلوب ، ولا تختصّ بعصر النزول ، فإنّ مضمون الآية المباركة عامّ يشمل جميع الأعصار ، كما لا تختصّ بالمنافقين وإن كانوا أجلى الأفراد ؛ لأنّ الآية الشريفة تخبر عن تلك الجماعة الّتي لم يتعمّق الإيمان في قلوبهم ، وهو أعمّ من النفاق ؛ لأنّ في كلّ قوم صالحا وطالحا.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) على كمال البعد بينهم وبين المؤمنين ، وأنّ تفكيرهم المادّي هو الّذي أوجب هذا البعد ، فإنّ اللّه تعالى جعل رابطة الإيمان من أقوى الوشائج الّتي تجمع بين أفراد المؤمنين ؛ لأنّها تنبع من القلب وتكون خالصة من كلّ الظواهر